==========HEADCODE===========

قسم المذكرات والبحوث الجامعية بحوث الطلبة الجامعيين كل التخصصات

إضافة رد
قديم 12-12-2013, 10:47 AM
  #1
الاستاذ
المدير العام
 الصورة الرمزية الاستاذ
 
تاريخ التسجيل: Aug 2013
العمر: 33
المشاركات: 36,745
افتراضي بحث كامل حول سيمياء المسرح

بحث كامل حول سيمياء المسرح
بحث كامل حول سيمياء المسرح
بحث كامل حول سيمياء المسرح

الفصــــــــــــــــــــــــــــــــل التمهيــــــــــــــــــدي
سيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــمياء المسرح
الفصل التمهيـــــــــــــــــــــــــدي
سيــــــــــــــــــــــــــــــــمياء المســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــرح
1ــــــ السيميــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــاء
1.1ــــــــــ دلالة المصطلح:
أ ـــــــ السيمياء عند الغربيين القدامى
ب ــــــ السيمياء في التراث العربي
ج ـــــــــ السيمياء عند المحدثين
1. 2 ـــــــ إشكالية ترجمة المصطلح إلى العربية
2 ــــــــــ المســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــرح
2 .1 ـــــــــ مـــــــــــــــــــــــاهية المسرح
2 .2 ــــــ واقعية المسرح النضالي عند أبو العيد دودو
3 ـــــــــ علاقة السيمياء بالمسرح
3 .1 ــــــــــ
3 .2 ـــــــــــ
4 ـــــــــ أصناف العلامات في المسرح ودلالاتها
1 ـــــــ السيميـــــــــــــــــــــــــــــاء :
يمكن القول أن السيمياء بدأت تفرض نفسها على الدراسات الأدبية و الثقافية والإعلامية و الفنية منذ النصف الثاني من الفرن العشرين كما أنها شكلت تيارات متنوعة ومختلفة حسب مواضيع الدراسة مثل : الإشهار ، السينما ،الصورة ، والمسرح وغيرها .
وبالرغم من المحاولة الجدية للكثير من الباحثين في تقريب مصطلحات علم السيمياء و مفاهيمه إلى الأذهان إلا أن الكثيرين وجدوا اختلاف مصطلحات هذا العلم وتعددها.
1.1 ـــــــ دلالة المصطلح :
أ ــــــــ السيمياء عند الغربيين القدامى :
" أو السيمياء يعود sémiotique تؤكد أغلب الدراسات اللغوية أن الأصل اللغوي لمصطلح " sémeion إلى العصر اليوناني " تكوينيا الكلمة آتية من الأصل اليوناني " " الذي يعني خطاب الذي نجده مستعملا في كلمات من مثل logosالذي يعني علامة،و"
علم الأحياءBiologie علم الأديان (اللاهوت) théologieعلم الاجتماع ، و sociologie
تعني العلم هكذا يصبح تعريف logos علم الحيوان،...وبامتداد أكبر كلمة zoologie،
(1) السيميولوجيا على النحو الأتي: علم العلامات "


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) توسان برنار : ما هي السيميولوجيا ، تر : محمد نظيف ، ط2 ،أفريقيا الشرق ، المغرب 2000م ، ص09.
ـ
ــــــ 01 ـــــ
وقد كان للفلسفة اليونانية الفضل الكبير في تحديد البوادر الأولى لهذا العلم حيث " اتفق جل الباحثين والسيميائيين أن السيميائيات علم مستمد لمبادئه من مجموعة كبيرة من الحقول المعرفية كالغويات و الفلسفة.." (1) حيث كان هدف الفلسفة اليونانية هو " تصنيف علامات الفكر لتوجيهها في منطق فلسفي شامل : السيميوطيقا القديمة تنتمي إلى جرد مدلولات الفكر"(2)
فالسيمياء علم قديم النشأة ارتبط بعلوم اللسانيات كما يرى الكثيرين بحيث:" أفرد الفيلسوف " و أكد أن للأشياء جوهرا ثابتا ، وأن الكلمة Carlyle" أفلاطون هذا الموضوع في كتابه
» Signifiant « أداة للتوصيل، وبذلك يكون بين الكلمة و معناها، أي بين الدال
» فلقد كان اللفظ Justesse naturelle تلاؤم طبيعي« »Signifie« و المدلول
يعبر عن حقيقة الشيء، وقد أشار أفلاطون إلى ما تمتاز به اللغوية من خواص تعبيرية، أي العلاقة الطبيعية بين الدال و المدلول، وبذالك كانت الأصوات أدوات تعبير عن ظواهر عديدة."(3)



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــ
(1) فيصل الأحمر : معجم السيميائيات ،ط1 ،منشورات الاختلاف ، الجزائر ، 2010م ، ص20.
(2) توسان برنار : ما هي السيميولوجيا، ص37 .
(3) مجلة التراث العربي :ع91 ،منشورات اتحاد الكتاب العرب ،دمشق ،2003 م ،ص68 .

ــــــــ 02 ـــــــــــــ
ب ــــــــ السيمياء في التراث العربي:
لقد عرف العرب في تراثهم القديم علم السيمياء رغم أن إشاراتهم إليه كانت مبعثرة و متناثرة فقد ربط علماء العرب قديما بين علم السيمياء وعدة علوم أخرى كعلم أسرار الحروف وعلم البلاغة ،وعلم النحو ،وعلم التصوف وعلم التفسير وغيرها ،غير أن لفظة سيمياء حملت دلالة واحدة سواء في المعاجم العربية كمعجم لسان العرب لابن منظور أو في القران الكريم أو الشعر العربي وهي العلامة ، فبالعودة إلى المعاجم العربية نجد في لسان العرب لابن منظور أن : « والسُّومة والسِّيمة والسِّيماء والسِّيمياء : العلامة ، وسَوَّم الفرس : جعل عليه السِّيمة ، وقوله عز وجل : « حِجَارَة مِنْ طِينٍ مُسَوَّمَة عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِين » قال الزجاج : روى عن الحسن أنها معلمة ببياض وحمرة...وقيل : الْخَيْلُ الْمُسَوَّمَةُ هي التي عليها السِّما و السُّومَةُ ، وهي العلامة .وقال ابن الأعرابي : السِّيمُ العلامات على صوف الغنم »(1)
« وفي الحديث :قال يوم بدر: سوموا ،فإن الملائكة قد سومت ،أي اعلموا لكم علامة يعرف بها بعضكم بعضا.
وفي حديث الخوارج : سيماهم التحليق ، أي علامتهم ، والأصل فيها الواو، فقلبت لكسرة السين ...والسِّيما ياؤها في الأصل واو ، هي العلامة ويعرف بها الخير و الشر »(2)
وذكر الجوهري في كتابه الصحاح« السُّومَةُ بالضم : العلامة تجعل على الشاة ...و الخيلُ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ابن منظور: لسان العرب ، تح : عبد الله علي الكبير و آخرون ،دط ، مج3 ، دار المعارف ، القاهرة ،1981 م ،ص2158.
(2) المصدر نفسه ،ص2159 .

ــــ03 ـــ
الْمُسَوَّمَةُ :المرعية ، الْمُسَوَّمَةُ : المُعلمة . »(1)
وقد ورد هذا المعنى في القران الكريم في عدة مواضع نذكر منها:
(2)  وَنَادَى أَصْحَابُ الأَعْرَافِ رِجَالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ  قوله تعالى: (3) تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وقوله عز وجل :
(4)  سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ وقوله تعالى:
(5) يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ وقوله أيضا:
وقد وردت كلمة السيمياء كذلك في الشعر العربي نذكر أنه((وأُنشد لأُسيد بن عنقاء الفزاري يمدح عُميلة :
غـلامٌ رمـاهُ الـلـه بـالحُـسْنِ يافعاً
لـه سـيميـاء لا تـُشقُّ على البصر

كأن الثريا علقت فوق نحـــــــــــــره وفي جيده الشعرى وفي وجهه القمر.
له سيمياء لاتشق على البصر أي يفرح به من ينظر إليه)) (6)
وكما ذكر ابن منظور في معجمه لسان العرب بيتا آخر من الشعر ذكرت فيه لفظة السيمياء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
(1)الجوهري : الصحاح ، تح : أحمد عبد الفور عطار ، ط4 ،ج5 ، دار العلم للملايين ، بيروت ،1990م ، ص1955 .
(2) سورة الأعـــــــــــــــــــــراف الآيـــــــــــــــــة 48 .
(3) سورة البـــــــــــــــــــــــــــــقرة الآيـــــــــــة 273 .
(4) سورة الفتــــــــــــــــــح الآيــــــــــــة 29 .
(5) سورة الرحــــــــــــــــــــــــمن الآيـــــــــة 41 .
(6) ابن منظور: لسان العرب، ص2159.

بصيغة السِّيما حيث (( أنشد شمرٌ في باب السِّيما مقصورة للجعدي
ولهم ســــــــــــيما إذا تــــبـــــــــصرهم بينت ريبــة مـــــــــن كــــان ســـأل)) (1)
ويتضح مما سبق أن كلمة سيمياء في كل من القران الكريم و المعاجم العربية والشعر العربي القديم كان لها معنى واحد وهو العلامة
أما بالعودة إلى مصطلح السيمياء كعلم عند العرب قديما فقد تعددت استعمالاته فقد كان مفهوم السيمياء في عصر العالم الجليل جابر بن حيان يقترب(ت 815 م) من السحر حيث (( أنفق وفتا كبيرا، وجهودا كثيرة في إحالة الأجسام النوعية من صورة إلى أخرى ، فوقع في طلب المستحيل ، وتحول عنده علم الكيمياء إلى علم السيمياء الذي كان في مفهوم ذلك العصر يقترب من السحر ، كما تحول علم الفلك عند العرب إلى علم التنجيم )) (2) ونجد القنوجي صاحب كتاب "أبجد العلوم" يطلق على علم السيمياء علم من قبيل السحر حيث ذكر (( ثم ظهر بالمشرق جابر بن حيان كبير السحرة في هذه الملة فتصفح كتب القوم واستخرج الصناعة وغاص في زبدتها واستخرجها ووضع فيها غيرها من التآليف ، وأكثر الكلام فيها وفي صناعة السيمياء لأنها من توابعها لان إحالة الأجسام النوعية من صورة إلى أخرى إنما يكون بالقوة النفسية لا بالصناعة العملية فهو من قبيل السحر )) (3)
كما ذكر ابن سينا( ت427ه) علم السيمياء في مخطوطة له" كتاب الدر النظيم في أحوال علوم التعليم " وهذا ما أشار إليه ميشال أريفيه في كتابه السيميائية أصولها و قواعدها "حيث
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
(1) ابن منظور: لسان العرب، ص2159.
(2) مجلة التراث العربي: ع95، منشورات اتحاد الكتاب العرب، دمشق، 2004 م، ص، 15 ، 16 .
(3) صديق بن حسن القنوجي : أبجد العلوم ،دط ،ج2 ، دار الكتب العلمية بيروت ، لبنان ، 1296 ه ، ص 319 ،320 .
ـــــــــ 05 ـــــــــــ
ذكر قول ابن سينا : (( علم السميا علم يقصد فيه كيفية تمزيج القوى التي في جواهر العالم الأرضي ليحدث عنها قوة يصدر عنها فعل غريب وهو أيضا أنواع )) (1)
وقد أشار الكاتب فيصل الأحمر في كتابه " معجم السيميائيات " للأنواع التي ذكرها ابن سينا (( فيذكر تلك الأنواع وهي متعلقة بالحركات العجيبة التي يقوم بها الإنسان وبعضها متعلق بفروع الهندسة ، أما البعض الآخر فمتعلق بالشعوذة )) (2)
وهناك عدد من العلماء أدخلوا تحت علم السيمياء علوم عدة كما فعل ابن خلدون (ت 808 ه) في مقدمته حين قدم فصلا كاملا عنوانه" علم أسرار الحروف " جاعلا بذلك علم أسرار الحروف مرادفا لعلم السيمياء كما فهمه العديد من القدامى العرب حيث ذكر في قوله: ((وهو المسمى لهذا العهد بالسيميا نقل وضعه من الطلسمات إليه في اصطلاح أهل التصرف من المتصوفة، فاستُعمل استعمال العام من الخاص.
وحدث هذا العلم في الملة بعد صدر منها وعند ظهور الغُلاة من المتصوفة وجنوحهم إلى كشف حجاب الحس وظهور الخوارق على أيديهم والتصرفات في عالم العناصر، وتدوين الكتب والاصطلاحات، ومزاعمهم في تنزل الوجود على الواحد وترتيبه. وزعموا أن الكمال الأسمائي مظاهره أرواح الأفلاك والكواكب ، وأن طبائع الحروف وأسرارها سارية في الأسماء . فهي سارية في الأكوان على هذا النظام، والأكوان من لدُن الإبداع الأول تنتقل في أطواره وتُعرب عن أسراره. فحدث لذلك علم أسرار الحروف . وهو من تفاريع علوم
السيمياء ،لا يوقَف على موضوعه و لا تُحاط بالعدد مسائله . تعددت فيه تواليف البُوني
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ميشال أريفيه وآخرون : السيميائية أصولها و قواعدها ، تر: رشيد بن مالك ، دط ، منشورات الاختلاف ، الجزائر ، 2002 م ،ص 23 .
(2) فيصل الأحمر : معجم السيميائيات ، ص31 .
ــــ 06 ـــــ
وابن العربي وغيرهما ممن اتبع أثارهما )) (1)
لقد عرف العرب في تراثهم علم السيمياء رغم أن إشاراتهم إليه كانت مبعثرة ومتناثرة ، حيث ربط عدد من العلماء بين علم السيمياء وعلوم أخرى كعلم أسرار الحروف كما فعل ابن خلدون (( ولهذا يمكن القول إن دراسات النظام الإشاري في التراث العربي هي دراسة قديمة قدم الدرس اللساني ،إلا أن الأفكار والتأملات السيميائية التي وصلت ظلت في إطار التجربة الذاتية ، ولم تتجسد في إطار التجربة العلمية الموضوعية ومن ثم فالمنطلقات السيميائية للدراسة العربية تنقصها الإجراءات التطبيقية الموسعة )) (2)
واللافت أن علم السيمياء في التراث العربي غير مفهومه في العصر الحديث حيث اكتسب هذا العلم مصطلحات جديدة (( فلم يتعامل معه عربنا القدامى إلا في إطار ماهو خارج عن المألوف ، أما مفهومه الذي يعرف به اليوم ، فإننا لا نجده إلا عبر إشارات من بلاغيينا وفلاسفتنا ، ضمن أبحاثهم المختلفة وذلك في شذرات متفرقة هنا وهناك )) (3) وأهم هؤلاء البلاغيين والفلاسفة الجاحظ وعبد القاهر الجرجاني وابن عرـبـــــــــــــــــي والرازي والغزالي وابن سينا ، حيث أشار الجاحظ (159ه ـــ255 ه)إلى العلامات غير اللغوية في قوله : (( الدِّلالـــــــة باللفظ ، فأما الإشارة فباليد ، وبالرأس ، وبالعين والحاجب و المَنكِب، إذا تباعد الشخصان ، و بالثَّوب وبالسَّيف. وقد يتهدَّد رافعُ السَّيف والسَّوط، فيكون ذلك زاجراً، ومانعاً، ويكون وعيداً وتحذيراً. والإشـــــــــــــارة واللفــــــــــظ شريكان ، ونعم العـونُ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) عبد الرحمن ا بن خلدون : المقدمة ، تح : عبد السلام الشدادي ، ط1 ، ج3 ، المركز الوطني للبحث العلمي والتقني ، الدار البيضاء، المغرب ،2005 م ، ص119.
(2) مجلة التراث العربي : ع91 ، ص68 .
(3) فيصل الأحمر : معجم السيميائيات ، ص32 .
ـــــــ 07 ـــــ
هي له، ونعـــم الترجمانُ هي عنه. وما أكثر ما تنوب عن اللفظ وما تُغني عن الخطِّ.)) (1)
فالجاحظ كان على دراية بجميع أصناف العلامات اللغوية وغير اللغوية حيث يقول: ((جميع أصناف الدلالات على المعاني من لفظ وغير لفظ ، خمسة أشياء لا تنقُص و لا تزيد :أولها اللفظ ، ثم الإشارة ، ثم العقد ، ثم الخط ، ثم الحال التي تسمى نِصبة . والنِّصبة هي الحال الدالة)) (2) ، والجاحظ يبين أن الدلالة تتم باللفظ أو بغير اللفظ لأنها تؤدي إلى معنى وهذا معروف عن السيميائيات فهي تدرس جميع العلامات اللغوية وغيرها ، حيث يقول الجاحظ في هذا الشأن : (( ومتى دلَّ الشيءُ على معنى فقد أخبر عنه وان كان صامتاً، وأشار إليه و إن وان كان ساكتاً ، وهذا القولُ شائعٌ في جميع اللغات ، ومتَّفق عليه مع إفراط الاختلافات . )) (3)
وقد أشار الجاحظ إلى نظرية الإرسال و التلقي وذلك حين بين الفرق بين الإرسال و التلقي فرأى أن (( االلفظ للسامع , وجعل الإشارة للناظر ، وأشرك الناظر و اللامس في معرفة العقد ، إلا بما فضل الله به نصيب الناظر في ذلك على قدر نصيب اللامس . وجعل الخط دليلا على ما غاب من حوائجه عنه ، وسببا موصولا بينه وبين أعوانه ؛ وجعله خزانا لما لا يأمَن نسيانه ، ممَّا قد أحصاه وحفظه ، وأتقنه وجمعه )) (4)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ : البيان والتبيين ، تح :عبد السلام محمد هارون ، ط7 ، ج1 ، مكتبة الخانجي ، مصر ، 1998 م ، ، ص77 ، 78 .
(2) المصدر نفسه: ص76 .
(3) المصدر نفسه: ص81 ،82 .
(4) أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ : الحيوان ، تح :عبد السلام محمد هارون ، ط2 ، شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر ، مصر ، 1965م ، ص ص 45 ، 46 .
ـــــــــــ 08 ــــــــــــــ
وقد تحدث الدكتور عبد المالك مرتاض في كتابه نظرية النص الأدبي عن وعي الجاحظ المعرفي بأنواع التبليغ السيميائي : (( فالجاحظ ، كما نرى يتحدث ، بوعي معرفي مدهش في هذا النص ، عن أنواع التبليغ السيميائي فيجعل السمة اللفظية ـــــ المنطوقة ـــــ أداة للاتصال بالسامع (المتلقي، أو المستقبل ) ، فهي سمة مرقونة. في حين جعل سمة الإشارة للناظر وحده (وهو ما نطلق عليه نحن : <<السمة البصرية ) )) (1) أما عبد القاهر الجرجاني(ت471 ه) فقد اهتم بالجانب الدلالي ، فقد تحدث عن اعتباطية العلامة اللغوية : (( فألفاظ اللغة عنده ليست إلا مجرد علامات وسمات دالة على المعاني (...) فيمكننا أن نستبدل علامة بعلامة للدلالة على نفس المعنى )) (2) وقد أشار الجرجاني إلى ذلك في قوله : (( كقولنا : زيد خارج : فما عقلتاه منه وهو نسبة الخروج إلى زيد لا يرجع إلى معاني اللغات ، ولكن إلى كون ألفاظ اللغات سمات لذلك المعنى وكونها مرادة بها . )) (3) ، فجعل الجرجاني بذلك اللفظ مرادفا للسمة
والكلام عند الجرجاني على ضربين : (( ضرب أنت تصل منه إلى الغرض بدلالة اللفظ وحده وذلك إذا قصدت أن تخبر عن زيد مثلا بالخروج على الحقيقة فقلت خرج زيد : وبالانطلاق عن عمرو فقلت : عمرو منطلق : وعلى هذا القياس و ضرب آخر أنت لا تصل منه إلى الغرض بدلالة اللفظ وحده ولكن يدلك اللفظ على معناه الذي يقتضيه موضوعه في اللغة ثم تجد لذلك المعنى دلالة ثانية تصل بها إلى الغرض ومــدار هذا الأمر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) عبد المالك مرتاض : نظرية النص الأدبي ، ط2 ، دار هومة ، الجزائر ، 2010م ، ص167 . (2) فيصل الأحمر : معجم السيميائيات ، ص33 . (3) عبد القاهر الجرجاني : دلائل الإعجاز في عام المعاني ، ط1 ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، لبنان ، 1988م ، ص416 .

ـــــــ09 ــــــ
على الكناية والاستعارة والتمثيل.
كما حدد الجرجاني مفهوم المواضعة حيث قال : ((المواضعة كالإشارة فكما انك إذا فلت : خذ ذاك: لم تكن هذه الإشارة لتــعرف السامع المشار إليه في نفسه لكن ليعلم أنه المقصود من بين سائر الأشياء التي تراها وتبصرها، كذلك حكم اللفظ مع ما وضع له.)) (2)
وقد أوضح عبد المالك مرتاض في كتابه نظرية النص الأدبي هذا القول : (( أي لا تأخذ غيره مما ترى... ولقد يعني هذا الملفظ ، كما هو واضح ، الاستغناء عن التواصل باللغة التي قد يكون الالتحاد إليها في مثل هذا الموقف مضيعةً للوقت ، ومَفسَدة للجهد ، ففزع المرسل إلى اصطناع لغة الإشارة ، لا لغة الألفاظ ، فأفهمَ وحسَم .)) (3)
وقد تحدث الجرجاني عن التحول الدلالي وهذا ما أشار إليه فيصل الأحمر في كتابه " معجم السيميائيات " : (( حيث أن ما تتميز به العلاقات اللسانية هو قابليتها للدخول في علاقات تركيبية ، إلى جانب التحول الدلالي ، بحيث تتحول العلامة في سياق معين إلى علامة ذات دلالة مركبة يتحول مدلولها إلى دال باحثا عن مدلول أخر .)) (4)
ويقول فيصل الأحمر عن التحول الدلالي عند الجرجاني : (( و إن كان ((عبد القاهر)) لم يقل بمصطلح التحول الدلالي صراحة ، إلا انه أشار إليه من خلال حديثه عن الكلام وصنفيه ،...ونجد(( الجرجاني)) بعد حديثه عن أصناف الكلام، يعطي أمثلة عن المجاز ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ
(1) عبد القاهر الجرجاني : دلائل الإعجاز في عام المعاني ، ص202 .
(2) المصدر نفسه: ص416 .
(3) عبد المالك مرتاض : نظرية النص الأدبي ، ص170 .
(4) فيصل الأحمر : معجم السيميائيات ، ص34 .
ـــــ 10 ــــ
والاستعارة ليثبت ذلك ، وكلامه هذا هو بالضبط ما تحدث عنه الحداثيون تحت مصطلح معنى المعنى كما عند ((أوجدن)) و ((ريتشارد)) ، و الأولانية و الثانيانية و الثالثانية عند ((بورس)) . )) (1)
كما نجد عدد من علماء العرب قد تحدثوا عن الدلالة كابن عربي (560 ه /1165 م) وغيره من المتصوفة فالمعروف عن إبن عربي و المتصوفة عامة ((هو نظرتهم الشمولية للكون، فهو يتعامل مع حروف اللغة كما يتعامل مع كل الموجودات.)) (2) وقد شرح الدكتور حميد الحمداني في كتابه القراءة وتوليد الدلالة الفرق بين" ابن عربي" و " بورس" وهو أن بورس(( حاول أن ينقل النموذج الصوفي الموجود ليطبقه (...) على علم الدلائل ؛أي أنه حول دراسته من الفلسفة إلى السيميوطيقا بينما احتفظ " ابن عربي" بالنظام الفلسفي الصوفي وترك نظام الدلائل يحتل مكانته الخاصة دون عزله عنه.))(3) أما نظرة فخر الدين الرازي (543 ه/ 606 ه) للسيميائية فارتبطت بعلاقة الدال بالمدلول وحصر أنواع العلاقات بين الدال والمدلول في اللغة حيث قال: (( الألفاظ إما أن تدل على المعاني بذواتها ، أو على وضع الله إياها ، أو بوضع الناس ،أو يكون الأول بوضع الله والباقي بوضع الناس.)) (3)
وقد بين الرازي الحكمة من وضع الألفاظ للمعاني، وذلك لان (( الإنسان خلق بحيث لا يستقل بتحصيل جميع مهماته فاحتاج إلى أن يعرف غيره ما في ضميره ليمكنه التوسل به إلى الاستعانة بالغير ، ولابد لذلك التعريف من طرق ، والطرق كثيرة مثل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــ
(1) فيصل الأحمر : معجم السيميائيات ، ص34 .
(2) المرجع نفسه ، ص 34.
(3) المرجع نفسه ، ص 36 .
ـــ 11 ـــ
الكتابة و الإشارة والتصفيق باليد و الحركة بسائر الأعضاء، إلا أن أسهلها و أحسنها هو تعريف ما في القلوب و الضمائر بهذه الألفاظ.)) (1)
وقد تبنى أصحاب المنهج السيميائي اليوم الرأي الذي جاء به الرازي قديما ، ويرى الرازي أن الألفاظ هي الوسيلة الأسهل والأحسن في التواصل وإنتاج الأصوات (( فالألفاظ أسهل الأنساق السيميائية ،و أحسنها لأنها لا تتطلب جهدا وعناء من حيث إنتاج الأصوات و إصدارها ،وهذا الرأي هو ما يؤكد عليه الكثيرون من اللغويين السميولوجيين في مقدمتهم " فرديناند دي سوسير " الذي اهتم بالإشارة اللغوية لسهولة التحكم فيها .)) (2)
وقد استبعد الرازي المرجع من مفهوم العلامة وهذا يوافق ما ذهب إليه دو سوسير حيث يقول الرازي : ((للألفاظ دلالات على ما في الأذهان لا ما على في الأعيان ولهذا السبب يقال : الألفاظ تدل على المعاني ،لأن المعاني هي التي عناها العـــــــاني ، وهي أمـــــــــــور ذهنية.)) (3)
وتجدر الإشارة و الاهتمام إلى جهود مفكرينا وفلاسفتنا العرب لمسألة العلاقة بين الدال والمدلول والدلالة ، حيث نجد أبو حامد الغزالي ( 450 ه/505 ه) صاحب كتاب
"معيار العلم" يحدد معنى الإشارة (( وهي تتكون من ( دال ) وهو الصورة الصوتية (و مدلول)وهو المتصور الذهني لذلك الدال )) (4) ، أما علاقة الدال بالمدلول فهي تقوم عند
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ
(1) فخر الدين الرازي : مفاتيح الغيب ، ط1 ، ج1 ، دار الفكر ، بيروت لبنان ،1981م ، ص33 .
فيصل الأحمر : معجم السيميائيات ،ص36 /37 .(2(
) المصدر السابق، ص31. 3(
(4) عبد الله الغذامي : الخطيئة والتكفير من البنيوية إلى التشريحية ، ط4 ،الهيئة المصرية للكتاب ،مصر أ1998 م،ص46 .
ـــ 12 ـــــ
الغزالي على أربعة مراتب حددها في قوله : (( إن للشيء وجودا في الأعيان. ثم في
الأذهان. ثم في الألفاظ . ثم في الكتابة
فالكتابة دالة على اللفظ؛ واللفظ دال على المعنى الذي في النفس . والذي في النفس هو مثال الوجود في الأعيان )) (1)
وقد شرح الغزالي هذه المراتب أو المحاور مع إعطاء لكل محور مثاله (( وهذه هي حركة الإشارة شرحها الغزالي دون أن بسميها (إشارة )ولكن شرحه لها سبق عصر السيميولوجيا بقرون ولم يأت هذا العلم بشرح أكثر من الذي جاء به أبو حامد ...وتقسيم الغزالي كان حلا لمعضلة الدال و المدلول ، وهي المشكلة التي تناولها السيميولوجيون الفرنسيون وقدموا لها حلا ليس بأكثر من حل الغزالي . )) (2)
أما قول الغزالي في حديثه عن المعرفة ((إن للأشياء وجودا في الأعيان ، ووجودا في اللسان ووجودا في الأذهان ،أما الوجود في الأعيان فهو الوجود الأصلي الحقيقـــــــــــي ، والوجود في الأذهان هو الوجود العلمي الصوري و الوجود في اللسان هو الوجود اللفظي الدليلي. )) (3)
وهو ما يقابل عند دي سوسير" المرجع " و " المدلول " و " الدال " وعند بورس " الموضوع" و " المؤول" و " الماثول"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
(1) الغزالي : معيار العلم ،تح : سليمان دنيا ،دط ، دار المعارف ،مصر ،1961 م، ص75 .
(2) المصدر السابق، ص47.
(3) فيصل الأحمر : معجم السيميائيات ،ص37 .

ــــ 13 ــــ
ومن الدارسين الذين اهتموا بالعلامة وطبيعتها نجد ابن سينا الذي اهتم بمكونات الدلالة وفي حديثه عن طبيعة العلامة يقول( إن الإنسان قد أوتي قوة حسية ترتسم فيها صور الأمور الخارجية... فترتسم فيها ارتساماً ثانياً ثابتاً، وإن غابت عن الحس... ومعنى دلالة اللفظ (هو) أن يكون إذا ارتسم في الخيال مسموع اسم، ارتسم في النفس معنى، فتعرف النفس أن هذا المسموع لهذا المفهوم، فكلما أورده الحس على النفس التفتت إلى معناه. )) (1)
ويشرح الدكتور بلقاسم دقة هذا القول لابن سينا في مقال له بعنوان" علم السيمياء في التراث العربي" بمجلة " التراث العربي" بقوله : (( و إذا تدبرنا مفهوم ابن سينا لدلالة اللفظ نجده يتفق ومفهوم دو سوسير للعلامة ، فالعلامة في منظور ابن سينا ثنائية المبنى تتألف من مسموع ،و معنـــــــى (مفهــوم) ، وبهذا التصور يلغى من مفهوم العلامة المرجع الذي تحيل عليه العلامة ، وذلك ما نجده عند دي سوسير أيضا إذ تتألف العلامة عنده من صورة سمعية(دال) وصورة ذهنيــــة أو متصور(مدلول) .))(2) وتعتبر هذه المجموعة من اللغويين و المفكرين العرب القدامى الذين كانت لهم إسهاماتهم في ميدان علم السيمياء ، حيث كانت إرهاصاتهم السيميائية التي تفطنوا إليها منذ قرون هي نفسها التي بنيت عليها السيمياء الحديثة نظرياتها ، فقد تفطن علماء العرب القدامى إلى قيمة علم السيمياء غير أن دراساتهم تركزت حول الدراسات القرآنية ، فالقران كان الموجه و الباعث الحقيقي للدرس السيميائي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــ
(1) ابن سينا: العبارة ، تح: محمود الخضيري، ط1 ، الهيئة المصرية للكتاب ، القاهرة، 1970، ص3/ 4 .
(2) مجلة التراث العربي : ع91 ، ص 73 .


ــــ 14 ـــــ
ج ـــــــــ السيمياء عند المحدثين :
السيمياء علم حديث النشأة رغم الأفكار المتناثرة التي وجدت في التراثيين العربي و الغربي وما يميز هذا العلم هو نشأته في مكانين مختلفين وفي حقبة زمنية متقاربة ، ففي أوربا بشر ) Ferdinand de Saussureعالم اللسانيات فردناند دوسوسير( 1857 ـــ 1914 م)( بميلاد هذا العلم وأطلق عليه اسم السيميولوجيا وعرفه بقوله : (( يمكن أن نؤسس علما يدرس حياة العلامات داخل الحياة الاجتماعية وسنطلق عليه اسم علم العلامات أو السيميولوجيا وسوف يكون علم اللغة قسما من السيميولوجيا. )) (1) ، فالسيميولوجيا تعنى: ((بالعلم الذي يبحث في أنظمة العلامات لغوية كانت أو أيقونية أو حركية ، وبالتالي إذا كانت اللسانيات تدرس الأنظمة اللغوية فإن السيميولوجيا تبحث في العلامات غير اللغوية التي تنشأ في حضن المجتمع .))(2) وفي الحقبة ذاتها التي تنبأ فيها دو سوسير بميلاد علم السيميولوجيا ،كان العالم والفيلسوف والمنطقي الأمريكي شارل سندرس بـورس ، في الولايات المتحدة الأمريكية يحضر نظريتـــــــــــــــه (c. S. Pierce) (1839 ـــ1914م)
التي أطلق عليها اسم السيميوطيقا وهي كما قال الدكتور سعيد بنكراد في مقال له بمجلة عالم الفكر السيميائيات عند بورس((نشاط معرفي شامل ، إنها تهتم بكل ما تنتجه التجربة الإنسانية عبر مجمل لغاتها ومن خلال كل أبعادها))(3)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ميشال أريفيه وآخرون : السيميائية أصولها و قواعدها ، ص29 .
(2) فردينان دي سوسير: محاضرات في الألسنية العامة ،تر :يوسف غازي ،مجيد النصر ،دط ،المؤسسة الجزائرية للطباعة ،1986م ،ص27 .
(3) مجلة عالم الفكر: مج35، ع3 ، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ، الكويت ،2007م ، ص30 .
ــــ 15 ـــــ
وقد ربط بيرس السيميوطيقا بالمنطق حيث يقول: (( ليس المنطق بمفهومه العام إلا اسما آخر للسيميوطيقا، و السيميوطيقا نظرية شبه ضرورية أو نظرية شكلية للعلامات . )) (1)
وقد أكد بورس أن العلوم في مجملها لا يمكن دراستها بمعزل عن السيميوطيقا حيث يقول : (( إنه لم يكن بإمكاني على الإطلاق أن أدرس أي شيء ـــــــ الرياضيات ، الأخلاق ، الميتافيزقيا ، الجاذبية ،الدينميكا الحرارية ،البصر ، الكيمياء ،التشريح المقارن ،الفلك ،علم النفس، الصوتيات ، الاقتصاد ، تاريخ العلوم ،الهويست ( ضرب من لعب الورق )، الرجال والنساء ، النبيذ ، علم المقاييس والموازين ــــ إلا بوصفه دراسة علاماتية . )) (2)
وبالتالي كانت دراسات بورس السيميائية متنوعة تنوع الموضوعات ، فالسيمياء علم شامل (( فالإنسان يرى و العالم المحيط به من خلال علامات ولكنه يعبر عنهما أيضا من خلال علامات أخرى يستنبطها لتحقيق عملية التواصل ، أي إننا بقول إيكو" لا نتعرف على أنفسنا إلا باعتبارنا سيميائية في حركة وأنظمة من مدلولات وعمليات تواصل. والخارطة السيميائية وحدها هي التي تقول لنا من نكون وكيف (أو فيم) نفكر" . )) (3)
و السيمياء حسب روبرت شولز(( هي دراسة الشفرات ، أي الأنظمة التي تُمَكنُ الكائنات البشرية من فهم بعض الأحداث أو الوحدات بوصفها علامات تحمل معنى ، وهذه الأنظمة هي نفسها أجزاء أو نواح من الثقافة الإنسانية . )) (4)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) فيصل الأحمر : معجم السيميائيات ،ص17 .
(2) منذر عياشي : العلاماتية وعلم النص ، ط1 ،المركز الثقافي العربي ، بيروت ،بنان ، 2004م ،ص15 .
(3) أمبرتو إيكو: السيميائية وفلسفة اللغة ، تر :أحمد الصمعي ، ط1 ، المنظمة العربية للترجمة ،بيروت ، 2005م ، ص16 .
(4) روبرت شولز : السيمياء والتأويل ، تر : سعيد الغانمي ، ط1 ، المؤسسة العربية للدراسات والنشر ، بيروت ، 1994م ، ص13/14 .
ــــ 16 ــــ
أما فيما يخص النظام الذي تقوم عليه السيمياء(( في حين جعل سوسير نظامه ثنائيا ، جعل بيرس نظامه ثلاثيا . ثم طور تلاميذ كلا العالمين مشروعيهما كلاً بمعزل عن الأخر، فطعّم الشكلانيون الروس ، ولغويو مدرسة براغ ، وبنيويو مدرسة باريس لسانيات دي سوسير ، بينما استمر مشروع بيرس لدى مورس وكارناب وسواهم . )) (1)
فالعلامة عند دي سوسير تتميز بــ (( طابعها المزدوج: فهي صوت ومعنى ، حامل ومحمول ، قيمة في ذاتها وقيمة في علاقتها بما تحل محله ...فإن العلامة لارتبط بين اسم وشيء بل تربط بين صورة سمعية وتصور ذهني ، ومن هنا يكون الحدان اللذان تستدعيهما العلامة من طبيعة نفسية يطلق عليهما سوسير على التوالي : الدال للأداة الحاملة والمدلول للمضمون . )) (2)
أما العلامة في تصور بيرس (( هي الوجه الآخر لإواليات الإدراك ، لذا لا يمكن تصور سيميائيات مفصولة عن عملية إدراك الذات وإدراك الآخر، إدراك "الأنا " وإدراك العالم الذي تتحرك فيه هذه " الأنا "، فالتجربة الإنسانية، ...تشتغل بكافة أبعادها كمهد للعلامات : يحــيل (Représentamen)لحياتها ولنموها ولموتها أيضا ،...فالعلامة هي ماثول
. وهذه الحركة (سلسلة (interprétant) عبر مؤول (objetعلى موضوع (
الإحالات) هي ما يشكل في نظرية بورس ما يطلق عليه السميوز،أي النشاط الترميزي الذي يقود إلى إنتاج الدلالة وتداولها . )) (3)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ
(1) روبرت شولز : السيمياء والتأويل ،ص09 .
(2) سعيد بنكراد :السيميائية ( مفاهيمها وتطبيقاتها) ، ط2 ،دار الحوار سوريا ، 2005م ، ص .
(3) المرجع نفسه ، ص .
ــــــ 17 ـــــــــ
وفيما يخص تسمية السيمياء فقد تعددت التسمية في العالم الغربي،كما أشار إلى ذلك غريماس (( وهي في رمتها تقبع في المعاجم السيميائية المختصة ، أبرزها :
)) (1) ( Sémasiologie ، semanalyse ،semiotique ، sémiologie(
غير أن أشهرها على الإطلاق السيميولوجيا السيميوطيقا فالأوربيون يفضلون مصطلح دي سوسير أي السيميولوجيا ، بينما يفضل الأمريكيون مصطلح السيميوطيقا نسبة إلى بورس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) فيصل الأحمر : معجم السيميائيات ، ص13 .
ــــــ 18ـــــــــ
1. 2 ـــــــ إشكالية ترجمة المصطلح إلى العربية :
لقد عرف مصطلح السيمياء أو السيميولوجيا عند نقله إلى العربية فوضى كبيرة حيث ترجم المصطلح لعدة تسميات منها : علم العلامات ، علم السيمياء ، السيميائية ، الدلائلية ، علم الرموز ، السيميولوجيا ، السيميوطيقا ،علم الإشارة ، علم الدلالة ،علم المعنى ،...وغيرها
فنجد الدكتور عبد السلام المسدي يترجمه في كتابه " الأسلوبية والأسلوب " إلى "علم العلامات " حيث يقول: (( هو علم افترض وجوده ف.دي سوسير محددا إياه بالعلم الذي يعكف على دراسة أنظمة العلامات مما يفهم به البشر بعضهم عن بعض ، والذي أداه إلى هذا التصور اعتباره للغة نظام من العلامات قبل كل شيء ، و من الأنظمة العلامية التي يمكن لهذا العلم دراستها علامات قانون الطرقات مثلا . )) (1)
غير أن الدكتور عبد الله الغذامي يرى في هذا التعريب للمصطلح " بعلم العلامات " مشكلة حيث يقول : (( هو تعريب سليم ولا اعتراض عليه ، لولا أنني وجدت مشكلة في النسبة إليه حيث استعصى علي أن أقول مثلا : تحليلا علاماتيا بدلا من تحليل سيميولوجي ، ووجدت الإفراد غامض الدلالة فيما لو قلت( تحليلا علاميا) كما يفعل المسدي في كتابه . )) (2)
وقد فضل الدكتور عبد الله الغذامي استعمال مصطلح السيميولوجيا على غيره من المصطلحات إذ يقول : (( فإني استخدم عن كره مصطلح ( سيميولوجي ) منتظرا مولد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ
(1) الأسلوبية والأسلوب: عبد السلام المسدي، ط3، الدار العربية للكتاب، تونس ، دت ، ص182.
(2) عبد الله الغذامي : الخطيئة والتكفير من البنيوية إلى التشريحية ، ص44 .
ــــ 19 ــــ
مصطلح عربي يحل محلها معطيا كل ما تتضمنه من دلالات. )) (1)
وقد وافق الدكتور صلاح فضل الغذامي في استعماله لمصطلح السيميولوجيا حيث يرى أن نقله من المصطلح الغربي السيميولوجيا أفضل من اشتقاقه فيقول : (( ولكننا نرى من الأفضل إطلاق الاسم الغربي عليه لأن النقل أولى من الاشتقاق في استحداث الأسماء الجديدة إذا كان هذا الاشتقاق سيؤدي إلى الخلط . )) (2)
وهناك من ترجم المصطلح إلى السيميائية كما فعل الدكتور عبد المالك مرتاض الذي فضله على بقية الترجمات الأخرى حيث يقول: (( ونحن نؤثر اصطناع مصطلح« السمة » لطائفة من الأسباب . ))(3) ، وقد كتب"دراسة سيميائية تفكيكية لنص أين ليلاي"، كما كتب " ألف ليلة وليلة ــــــ دراسة سيميائية ــــــ "
وقد تردد هذا المصطلح عند الكاتب رشيد بن مالك في مؤلفه " السيميائيات السردية " وكذا في كتابه الذي ترجمه عن ميشال أريفيه " السيميائية أصولها وقواعدها "
ويعيب الدكتور صلاح فضل على الباحثين ترجمة المصطلح إلى السيميائية بقوله : (( ونخشى أن يفهم القارئ العربي من السيمائية شيئا يتصل بالفراسة وتوسم الوجـــــــوه بالذات أو يربطها بالسيميا وهي العلم الذي اقترن في مراتب المعارف العربية بالسحر و الكيميا.))(4)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) عبد الله الغذامي : الخطيئة والتكفير من البنيوية إلى التشريحية ، ص 45 .
(2) صلاح فضل : نظرية البنائية في النقد الأدبي ، ط1 ، دار الشروق ، القاهرة ، 1998م ، ص297 .
(3) عبد المالك مرتاض : نظرية النص الأدبي ،ص148 .
(4) المرجع السابق ، ص297 .
ــــــــ 20 ــــــ
ومن الذين ترجموا المصطلح إلى (الدلائلية ) نجد (( الطيب البكوش في ترجمته لكتاب مفاتيح الألسنية لجورج مونان( تونس 1981 ) وكذلك كان المنصف عاشور. )) (1)
وقد عاب الدكتور عبد الله الغذامي على هذا التعريب للمصطلح تقاربه مع مصطلح علم الدلالة فيقول: (( وهذا تعريب أكاد أميل إليه لولا تقاربه مع مصطلح (علم الدلالة) تقاربا يوشك أن يبلغ حد الالتباس . )) (2)
ونجذ الباحثين " سيزا قاسم " و"نصر حامد أبو زيد " يفضلان مصطلح السيميوطيقا ونلحظ ذلك من خلال كتابهما " مدخل إلى السيميوطيقا "
أما في ترجمة المصطلح إلى علم الرموز يرى الدكتور عبد الله الغذامي إن استعمال كلمة رموز لا يقوم إلا بثلث مجالات السيميولوجيا وذلك في قوله: (( ومع مصطلح السيميا وردت كلمة ( الرموز) كبديل أو مرادف لها و لكن مصطلح (رموز) لا يقوم إلا بثلث مجالات السيميولوجيا لأنها مع الرموز تشمل العلامات و الإشارات . )) (3)
وهذا التعدد في المصطلحات يرجعه الدكتور عادل فاخوري في مقال له بعنوان"حول إشكالية السيميولوجيا ( السيمياء )" نشر بمجلة عالم الفكر إلى ((عاملان أساسيان مسئولان عن الخلط و الاضطراب : فأولا ، التدفق المستمر في المصطلحات ، الناجم عن التنوع الهائل في المجالات السيميائية ، حشر المترجم العربي في إحدى موقفين ،إما في موقف الحاجز
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ
ـ(1) عبد الله الغذامي : الخطيئة والتكفير من البنيوية إلى التشريحية ، ص 45 .
(2) المرجع نفسه ، ص45 .
(3) المرجع نفسه ، ص44 .
ـــــ 21 ـــــ
عن متابعة الترجمة و النقل ، وإما في موقف العابث الذي يلهو في إلقاء الكلمات الرديفة اعتباطيا. وثانيا، إهمال التراث، إن لم يكن جهله ، في علوم الدلالة و المنطق و البلاغة وأصول التفسير، جعل الباحث العربي يستحدث مصطلحات غريبة أدت إلى تشويش في الفهم بدلا من التواصل المطلوب. )) (1)
وعلى رأي الباحث رشيد بن مالك الذي يقول في هذا الشأن : (( إن المتتبع للترجمات العربية في مجال اللسانيات و السيميائيات ،يدرك لا محالة إن نسبة متواضعة منها تكاد تكون مشتركة بين الباحثين ، لا يهم إن كان هذا الإجماع صادرا بشكل عفوي ،إن المهم في كل هذا وذاك هو أن نتجاوز الاختلافات و نستثيق بما يجمع الباحثين ويعبئ طاقاتهم لتوحيد المصطلح. )) (2)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مجلة عالم الفكر ، مج3 ، ع3 ، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ، الكويت ،1996م ، ص187 .
(2)رشيد بن مالك :السيميائيات السردية ، ط1 ، دار مجدلاوي ،عمان ، الأردن ، 2006م ، ص32 /33 .

ــــ 22 ــــ
2 ــــــــــ المــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــسرح:
يعتبر المسرح أحد أنواع فنون الأداء و هو شكل من أشكال التعبير عن الأفكار و المشاعر حيث ينقل جوانب مهمة من الحياة الإنسانية (( فالمسرح لون من ألوان النشاط الفكري البشري المخصوص بالتعبير عن مشاعر الإنسان ودوافعه وعلاقاته وتاريخه وقيمه ونوازعه وإرادات أفراده بوصفهم ذوات خاصة أو لكل منها خصوصيتها المتفاعلة فكرا و مشاعر وقيما مع غيرها في حيز زماني ومكاني . )) (1)
2 .1 ـــــــــ مـــــــــــــــــــــــاهية المسرح :
لقد وردت كلمة مسرح في العديد المعاجم العربية وحملت الكلمة دلالة واحدة تقريبا في جل المعاجم العربية ، أما في الاصطلاح فقد تعددت التعاريف واختلفت
أ ــــــــــــ التعريف اللغوي للمسرح :
وردت كلمة المسرح في لسان العرب لابن منظور في مادة سرح بمعنى المرعى (( المَسْ

المصدر : منتديات ستار الجيريا: http://www.staralgeria.net/t3722-topic#ixzz2nFxV9RPQ
الاستاذ غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
المسرح, سيمياء


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
بحث كامل حول الضبط الاداري الاستاذ العلوم القانونية و الادارية 12 06-27-2019 01:57 PM
بحث كامل حول علم الاقتصاد الاستاذ العلوم الاقتصادية و العلوم التجارية و علوم التسيير 2 06-02-2019 12:35 PM
بحث كامل حول البطالة الاستاذ العلوم الاقتصادية و العلوم التجارية و علوم التسيير 14 06-02-2019 11:04 AM
بحث كامل عن صناعة الورق الاستاذ قسم المذكرات والبحوث الجامعية 0 12-12-2013 10:40 AM
شرح كامل لدرس الاعداد المركبة الاستاذ قسم الرياضيات السنة الثالثة ثانوي 0 12-11-2013 06:57 PM


الساعة الآن 10:50 AM