تخطى إلى المحتوى

هل الحرية مجرد حالة شعورية ام هى ممارسة عملية فى الحياة اليومية اساسها التحرر؟

    مادة الفلسفة للسنة للسنة الثالثة ثانوي

    مقالة فلسفية للسنة الثالثة ثانوي

    شعبة علوم تجريبية – رياضيات – تقني رياضي – تسيير و اقتصاد

    هل الحرية مجرد حالة شعورية ام هى ممارسة عملية فى الحياة اليومية اساسها التحرر؟
    طرح المشكلة:الحرية هي قدرة الانسان على تجاوزاكراهاته الداخلية والخارجية، اختلف الفلاسفة فى كيفية اثبات وجودها متسائلين هل الشعوربالحرية يكفى لإثبات وجودها أم أن الحرية فعل وممارسة يومية؟
    محاولة حل المشكلة:
    الجزء الأول
    الحرية مجرد حالة شعورية، أي هي مسألة نظرية تدرك بالحدس النفسي المباشر،قال بهذا الموقف:
    المعتزلة: الحرية عند المعتزلة حالة شعورية، وشهادة الشعوردليل كافلإثبات وجودها، فالإنسان برايهم يحس من نفسه وقوع الفعل فيه اذا اراد الحركة تحرك واذا اراد السكون سكن، فهو بذلك يعتبر حرا.
    الفرنسي جاك بوسويهله مؤلفات في الالهيات والفلسفة والتاريخ يقولمقالة فلسفية: الحرية مجرد حالة smile.gif)كلما بحثت في اعماق نفسى عن السبب الذى يدفعني الى الفعل، لم اجد فيها شيئا غير حريتي.)) ويقول أيضا: (( ان الانسان العاقل لايحتاج الى البرهان على حرية اختياره لأنه يشعر بها في داخله.)) وهذا معناه ان الحرية شعور باطني.
    ديكارت: يرى ان الحرية حالة يؤكد وجودها الذات العاقلة فيقول ان حريتنا لايمكن البرهنة عليها الا ببرهان واحد هو تجربتنا الخاصة، ويقول في موضع اخر: (( ان الحرية تدرك بلا برهان.)) وبذلك يعتبرها بديهية نفسية.
    كما يقول الفرنسي آلان(( الحرية معطى مباشر للشعور))
    مناقشة:
    لايمكن لأحد أن ينكرالشعوربالحرية لكن شهادة الشعورليس دليلا كافيا على تمتع الانسان بها فالإنسان يتمتع بالحرية اذا تجسدت ارادته في سلوك عمليحقيقي، اما اذا بقيت الحرية كإحساس تتجول في ساحة الشعور ولم تتجسد في الواقع فهي شعور مخادع ووهم كاذب.
    كما ركز أنصار هذا الاتجاه على العامل النفسيالداخليفي اثبات وجود الحرية واهملوا بدورهم العوامل الموضوعية الخارجية الاخرى التي تحول دون وجودها.
    ويقول سبينوزا في رده على مغالطة الشعور بالحرية)): أن التجربة ذاتها لاالعقل وحده تدلنا بوضوح على ان الناس يظنون انفسهم احرارا لمجرد كونهم واعين بسلوكهم الخاص، دون ان يعلموا شيئا عن الاسباب المتحكمة فيهم، كما تدلنا على ان اوامر العقل ليست الا الشهوات ذاتها.((
    الجزء الثاني (( الحرية ممارسة عملية في حياتنا اليومية اساسها التحرر((
    يرى بعض الفلاسفة ان الحرية ليست حالة شعورية بل هي غاية يطمح الانسان الى بلوغها باستمرار ويكون ذلك ممكنا من خلال فعل التحرر، فالتحررهوالسبيل الوحيد الى ادراكها، ولكن التحرر يقتضى وسائلا منها الوعى أي العلم بالحتميات المختلفة والعمل الفعلي على تجاوزها او العيش وفقها وتسخيرها لخدمته، وهو ما اكدت عليه الشخصانية باعتبارها فلسفة تحرر.
    الوليد ابن رشد يرى ان الانسان حر في افعاله ولكن حريته مشروطة بمدى علمه بالأسباب او القوانين التي تحيط به من الخارج.
    وقد أيد هذا الموقف كارل ماركس حين قال(( الحرية هي وعى بالضرورة.((والضروراتهي نفسها الاكراهات أوالحتميات النفسية والاجتماعية والطبيعية، أي ان الحرية معركة يومية اساس وسائلها العلم والعمل، ولذلك لاينتظر الانسان حرية في هذه الحتميات في عالم يخلو من العلم والعمل.
    فريديريك انجلزيرى ان حرية الانسان تزايدت بتزايد معارفه العلمية واختراعاته التقنية فيقول: ((فالإنسان لم يكن يتميز عن الحيوان، فان سيطرته على نفسه وعلى الطبيعة لم تكن بعد قد تحققت وبالتالي فان حظه من الحرية لم يكن يزيد عن حظ الحيوان منها، ولكن من المؤكد ان كل خطوة خطاها فى سبيل الحضارة لم تكن سوى مرحلة من مراحل تحرره.((
    يقول سبينوزا((كلما ازداد الانسان علما ازداد قدرة على توجيه سلوكه ومن ثم تحرير نفسه((
    مناقشة
    ان اطروحة التحرر وربطها بالمعرفة والعمل تبدو نسبية لأنهامتعلقة بالإنسان .
    كما ان اطروحة التحررترسم حدودا لهذا التحرر الذي اذا تجاوز حدود العقل او الدين انقلب الى فوضى.
    الجزء الثالث((التركيب((
    ان طرح مسألة الحرية بين الشعور والممارسة طرح يقتضي تناولها نقديا، فيصبح الشعور مسلمة ضرورية لحدوث عمل التحرر باعتبار الشعور ادراك وتمييز ومعرفة، وفي غياب الشعور ودلالاته كمعرفة فإنه لاحديث عن التحرر، هذا من جهة لكن من جهة اخرى فأن الحرية لا تتحقق الا عندما ينتقل الانسان من مستوى الشعور الى مستوى الممارسة العملية لها في واقعه العام، فتنقلب الحرية كغاية الى تحرر كوسيلة، فينال الانسان الحرية التي يستحقها او التي هو اهل لها وفي هذا السياق قال غوسدروف((ينال المرء دائما الحرية التي هو اهل لها والتي هو قادر عليها.((
    حل المشكلةالحرية -من خلال ما سبق عرضه- هي مسالة فلسفية قديمة تناولها الفلاسفة وفق طرحين احدهما كلاسيكي ميتافيزيقي نظري مجرد يجتهد في اثباتها ونفيها من الناحية النظرية، وطرح آخر حديث وواقعي يطرحها من الناحية العملية ، فالمحدثون انتقلوا من الحديث عن الحرية الى الحديث عن التحرر، واعتبروا ان تحقيق الحرية بالتحرر عمليا اهم واولى من البرهنة عليها نظريا، لكن الحقيقة التي يجب الالتزام بها هي ان الحرية يجب ان تنطلق من الشعور من جهة اولى ويجب ان تتجلى في الممارسة من جهة ثانية.ولا يمكن تحقيقها بطرف دون الآخر.