==========HEADCODE===========
التعليمـــات المجموعات التقويم

قسم تحضير دروس العلوم الاسلامية للسنة الثالثة ثانوي تحضير دروس العلوم الاسلامية للسنة الثالثة ثانوي

إضافة رد
أدوات الموضوع
إبحث في الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 10-26-2015, 10:02 PM
  #1
amine007
مدير عام
 
تاريخ التسجيل: Jul 2015
المشاركات: 2,221
افتراضي تحضير درس العلوم الاسلامية حقوق الإنسان في مجال العلاقات العامة والتعامل الدولي

تحضير درس العلوم الاسلامية حقوق الإنسان في مجال العلاقات العامة
والتعامل الدولي للسنة الثالثة ثانوي


تمهيد


إن مقياس تقدم الدول و رقيها اليوم هو مقدار ما تراعي حقوق الإنسان الواردة في الإعلان العالمي
لحقوق الإنسان و هذه الوثيقة الدولية التي لم يمض على إعلانها سوى نصف قرن، في حين أقر الدين
الإسلامي ما هو أوسع و أشمل من هذه الحقوق، قبل أكثر من 1400 سنة. و في الوقت الذي يدعو
الإسلام، و يقر حقوق الإنسان، لا يطلق يد الفرد بحيث تتحول عملية الاستفادة من الحقوق إلى
فوضى. إن الشريعة الإسلامية جاءت لترسي (الأسس في نظرية استعمال الحق وفق معطيات الحقوق
و خصائصها)


أولا : تكريم الإسلام للبشر



لقد احترم الإسلام الذات الإنسانية و كرمها، قال تعالى: ((وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا)) [الإسراء/ 70 ]، و كفل
للإنسان أن يعيش آمنا، لا يعتدي عليه أحد، و منعه من أن يعتدي على الآخرين، وأعطى الإنسان
الحق، في أن يتصرف في شؤون نفسه، وحمله مسؤولية هذا التصرف، وأباح للإنسان أن يأكل ما
يشاء، و يشرب ما يشاء، ويلبس ما يشاء، و لكنه حدد ذلك بأوامره و نواهيه، وهكذا فالحرية الشخصية
أو حرية الذات محددة بأوامر الله ونواهيه.


ثانيا : حقوق الإنسان في مجال العلاقات العامة


- 1 الحقوق و الحريات الشخصية :


الحياة أول حق جعله الله للإنسان؛ فهي من الحقوق المقدسة في الإسلام بحيث لا يحق لأحد التجاوز
على حق غيره في الحياة؛ فقد اعتبر الإسلام الاعتداء على حياة إنسان واحد بمثابة الاعتداء على حقوق
جميع الناس، فحول هذا الأمر ورد في القرآن الكريم قوله تعالى : ((مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ ﴿المائدة: ٣٢﴾ )) [المائدة/ 32 ].
إن هذا التشديد على احترام حق الحياة، لم يكن ليشمل جانب الغير فقط و إنما ينال صاحب الحياة ذاته أيضًا؛ فليس من حق الإنسان التنازل عن حقه في الحياة.
أما الحق الآخر للإنسان فحقه في حياة حرة كريمة، ولا يجوز لأحد كائنًا من كان استرقاقه، فالحرية
هي الإباحة التي تمكن الإنسان من الفعل المعبر عن إرادته في أي ميدان من ميادين الفعل أو الترك
و بأي لون من ألوان التعبير و كما أن الإسلام لا يجيز لأحد استرقاق غيره و الاعتداء على حريته،
فكذلك لم يجز للإنسان التنازل عن حريته.
لقد جعل الإسلام حق الحرية بمثابة حق الحياة في المقام؛ لذلك تجد القرآن يجعل كفارة من قتل إنسانًا
مؤمنًا خطأً تحرير رقبة مؤمنة التي تعادل الإحياء أما من قتل إنسانًا مؤمنًا عمدًا فإن هذه لا يمكن أن
تكون كفارته.
أما الحق الآخر من الحقوق و الحريات الشخصية فهو حق الإنسان في الأمان على شخصه؛ فلا يحق
لأحد تعذيبه واعتقاله دون وجه حق، والشريعة التي تعترف للجنين الذي لا زال في بداية تكوينه
بالشخصية بحيث تحفظ له جميع حقوقه لحين ولادته هي أحرص على أن تقر للإنسان المولود
بالشخصية القانونية.
أما المساواة أمام القانون فقد ورد بشأنها قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث المخزومية
الذي روته عائشة رضي الله عنها : (أن قريشا أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت فقالوا ومن
يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالوا ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حب رسول الله
صلى الله عليه وسلم فكلمه أسامة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتشفع في حد من حدود الله ثم
قام فاختطب ثم قال إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه و إذا سرق فيهم
الضعيف أقاموا عليه الحد وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها) [رواه : الشيخان]

حقوق الإنسان في علاقته بمجتمعه :

للإنسان - كل إنسان - حياته الخاصة التي لا يحق للغير التدخل فيها أو الاطلاع على ما لا يريد هو
اطلاع الغير عليه؛ فمن شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله فقد عصم بها دمه وماله وعرضه.
وفي الحديث الشريف: (كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه)، و لقد اعتبر الإسلام عين
المتلصص على غيره وهو في بيته هدرًا فيما لو فقأها له صاحب المنزل.
ومن ضمن هذا النوع من الحقوق حق الإنسان في التنقل في أرض الله الواسعة، فالأرض لله و هذا حق
من حقوقه، و يتفرع عليه حقه في اتخاذ موطن آخر هربًا وتخلصًا من حياة الظلم والقهر في موطنه؛
و ذلك حماية لحياته و صيانة لحريته، فقد جعل الله تعالى التقصير في هذا الأمر من الظلم: ( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا)[النساء:97].

ثم إن للإنسان حقًا في أن يتخذ زوجة بالرضا بعد بلوغه، و يكون أسرة تتمتع بحماية الدولة من كل ما
يتهددها من المخاطر.و للإنسان الحق - كذلك - في التملك عن طريق الكسب الحلال الذي لا يقوم
على الاستغلال؛ فلو تملك الإنسان شيئًا دخل حق الملكية هذا في حماية القانون، بحيث لا يجوز تجريده
من ملكه تعسفًا.


- 3 حقوق الإنسان المدنية والسياسية :

- حرية المعتقد : كثيرًا ما يحدد القرآن معنى (لا إله إلا الله) بالطاعة، بالإسلام، بالخضوع، و لكن
هذا لا يكفي إذا لم يكن عن اقتناع و تصديق وإيمان؛ لأن الطاعة و الإسلام و الخضوع الذي يأتي
بدون اقتناع و تصديق لا يكون دينًا) من هذا المنطلق أقر الإسلام حرية الإنسان في الاعتقاد واعتناق
الدين مؤسسًا في ذلك قاعدة عامة هي : (لا إكراه في الدين) هذه القاعدة التي قال عنها (توينبي) : (لقد
جاء بها الإسلام من زمن بعيد ولم نقبلها نحن هنا في بريطانيا إلا في وقت متأخر جدًا). و يتفرع على
هذه الحرية حق الإنسان في إقامة شعائره منفردًا أو مجتمعًا و لكن بشرط مراعاة النظام العام للمجتمع
الإسلامي، فيما لو خالفت تلك الشعائر أساسيات الدين الإسلامي.
- حرية الرأي و الفكر : فيما يتعلق بحرية الرأي لم يضع الإسلام خطوطًا حمراء لا يسمح للفرد
بتجاوزها، هذا بالنسبة لحرية الرأي، أما بالنسبة لحرية الفكر فقد أكد القرآن الكريم عليها تأكيدًا منقطع
النظير؛ فلم تخل سورة من سوره المباركة من قوله تعالى: (أفلا يتفكرون) (أفلا يعقلون).
إن حرية الفكر ليست سلوكًا محددًا ولكنها منظومة متعددة الجوانب، المقصود بها أن يستطيع عقل
الإنسان تدبر أمور الحياة، و موقفه منها، بدون قيود صارمة و قوالب مفروضة.
إن الإسلام يريد إنسانًا مبدعًا، و ما لم تكن هناك حرية للفكر فلا يمكن أن تتولد عملية الإبداع؛ لذا أكد
الإسلام على حرية الفكر بحيث ذم الإنسان المعطل عقله، المقلد لغيره فيما لا يجوز التقليد فيه.
- الحقوق السياسية : وتعني الحقوق التي يقررها القانون العام و التي تم ّ كن الأشخاص من القيام بأعمال
معينة تمكنهم من المشاركة في إدارة شؤون المجتمع السياسية.
كما تعني حق مشاركة الفرد في إدارة الشؤون العامة لبلده إما مباشرة و إما بواسطة ممثلين يختارون
في حرية فالإسلام يرى في الشورى السبيل المنطقي القويم الذي يقود المجتمع و الإنسان معًا إلى
سلامة المنهج وصواب الرأي و سعادة الحياة... ولقد جاء في القرآن الكريم حول مبدأ الشورى قوله
تعالى : ( وشاورهم في الأَمرِ).
وللأهمية البالغة لمبدأ الشورى عمم الإسلام موقفه منه إلى كل جوانب الحياة حينما فرض على كل واحد
من أفراد المجتمع قانون التشاور والانفتاح ...حتى في المسائل الجزئية الصغيرة إذ حرض الجميع على
ملاحقة الأفكار والفحص عن الرأي السديد فقال: (و أمرهم شورى بينهم).
- الحقوق المدنية : وهي الحقوق التي تكفل للفرد حماية الذات والتي بمقتضاها يعطى للشخص بالتساوي
مع الآخرين حق تقلد الوظائف العامة في بلده. وتنقسم الحقوق المدنية إلى : حقوق الأسرة. والحقوق
المالية.
فبالنسبة لحقوق الأسرة فقد رتب الإسلام جميع الضمانات للفرد لكي يعيش في ظل أسرة ينتمي إليها
ويعيش في كنفها، كما تمتعت هذه الأسرة بكل وسائل الحماية في ظل الإسلام. لقد اعتنى الإسلام في تهيئة
المهد الصالح الذي يجب أن يتقلب فيه الإنسان ومن قبله اهتم اهتمامًا منقطع النظير بالتدابير الاحترازية
لمنع نشوء أسرة على أسس غير صحيحة؛ فالإسلام رعى الأسرة باعتبارها مؤسسة ينشأ فيها الفرد بأمان
من لدن كونها مشروعًا حتى تغدو كيانًا قائمًا.
كما رسم لنا معالم التربية الصحيحة وكيفية بناء العلاقة الصحيحة بين أركان الأسرة كل ذلك لأجل أن
يتمتع الفرد بحقه في العيش في أسرة آمنة نظيفة.
أما في مجال الحقوق المالية فإن الإسلام يحترم حق الإنسان في الملكية ما لم يكن قائمًا على استغلال
الناس كما تقدم ذكره.


- 4 الحقوق الاقتصادية و الثقافية و الاجتماعية :

- حق العمل : قد أعطى الدين الإسلامي الإنسان الحق في اختيار العمل المناسب له بل حث على
العمل ورفع من قيمته، حيث ورد في رواية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمسك يومًا بيد عامل
فقبلها و قال : (تلك يد يحبها الله).
ولكن هذا الحق، وهذه الحرية لا يجب أن تخلو من الضوابط؛ إذ إن النفس البشرية مدفوعة بحب الذات
والأثرة إلى فعل ما يناسب رغباتها، وإن كان ذلك على حساب الآخرين و حرياتهم؛ لذا حدد الإسلام
هذه الحرية بضوابط عدم التجاوز على حق الآخرين واستغلالهم، كما فرض على صاحب العمل عدم
استغلال العامل، و عدم التقصير في إعطائه أجره المناسب، وعدم تأخيره عليه: ( أعط الأجير أجره
قبل أن يجف عرقه) [رواه ابن ماجه].
- الضمان الاجتماعي : أما الضمان الاجتماعي فيكفي دلي ً لا عليه أن دائرته تتسع لتشمل غير المسلم
أيضًا. فقد ورد في رواية أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه مر على رجل نصراني
يستجدي الناس، فخاطب عامله على بيت المال بما معناه استعملتموه حتى إذا أهلكتموه تركتموه يتكفف؛
ثم أمر له بعطاء من بيت مال المسلمين.
- حق التعلم : منذ الآية الأولى التي استهلت بها الرسالة السماوية التي نزلت على نبينا محمد صلى الله
عليه وسلم جرى التأكيد على أهمية دور العلم و التعلم.
- 5 أسس العلاقات العامة :
المقصود بالأسس مجموعة القيم، والموجهات العقدية، و الأخلاقيات العملية، المستمدة من المصدر
الأساسي للإسلام (القرآن والسنة)، وهي التي تشكل إطارا مرجعيا ومعيارا عاما؛ من المفترض أن
تستند إليه النظريات و الرؤى و المواقف التي تتبناها الجماعات و النظم و الحكومات المسلمة في
علاقاتها الدولية، وأن تلتزم بها قبل أن تدعو غيرها إليها من ناحية، و أن يقاس على هذا الإطار
سلوكها الفعلي إنما تستمد شرعيتها في المنظور الإسلامي من ارتباطها بتعاليم الإرادة الإلهية المعبر
عنها في أصل الشريعة، و ليس من ارتباطها بالإرادة الخاصة بالحكام.
فتعاليم الإرادة الإلهية تتسم بالثبات والصلاحية لكل زمان و مكان، أما تقدير الظروف و الملابسات التي
تحيط بعملية صنع القرار واتخاذه؛ اهتداء بتلك الإرادة الإلهية فمستوى آخر له طابع عملي، و يتسم
بالتغير و الاختلاف و التنوع حسب ظروف الزمان والمكان.

و بيان ذلك كالآتي :

1 وحدة الجنس البشري : قرر الإسلام وحدة الجنس والنسب للبشر جمي عا؛ فالناس لآدم، و لا فضل
لعربي على عجمي، ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى، وحكمة التقسيم إلى شعوب و قبائل إنما هي
التعارف لا التخالف، والتعاون لا التخاذل، والتفاضل بالتقوى والأعمال الصالحة التي تعود بالخير على
المجموع و الأفراد، والله تعالى رب الجميع يرقب هذه الأخوة و يرعاها، وهو يطالب عباده جمي  عا
بتقريرها و رعايتها، والشعور بحقوقها والسير في حدودها.
ويعلن القرآن الكريم هذه الحقيقة بمعانيها جميعًا في وضوح فيقول : ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا

- 2 وحدة الدين : قرر الإسلام وحدة الدين في أصوله العامة، وأكد على أن شريعة الله تبارك
و تعالى للناس تقوم على قواعد ثابتة من الإيمان والعمل الصالح والإخاء، وأن الأنبياء جميعا مبلغون
عن الله تبارك وتعالى، وأن الكتب السماوية جميعا من وحيه، و أن المؤمنين جميعا في أية أمة كانوا هم
عباده الصادقين الفائزين في الدنيا و الآخرة، وأن الفرقة في الدين والخصومة باسمه إثم يتنافى مع
أصوله و قواعده، ويتناقض مع غايته و مقاصده.
نقرأ عن ذلك في سورة البقرة قول الله تعالى : ((وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ) إلى آخر الآيات [البقرة 130 141 ]، و نقرأ في
آيات أخرى من سورة الأحزاب (آية 69 )، ومن سورة النساء (آية 75 )، ومن سورة آل عمران
(آية 46 )، ومن سورة المائدة (آية 44 وآية 75 )، وفي آيات أخرى من سور أخرى؛ حيث نجدها تثني
على الأنبياء جمي  عا، و تقول : إن التوراة و الإنجيل فيهما هدى ونور وموعظة للمؤمنين، ومن تلك
الآيات ومن غيرها نخرج بنتيجتين تطبيقيتين في مجال علاقة المسلمين مع غيرهم، هما :
أ أن التعامل بين المسلمين وغيرهم من أهل العقائد و الأديان إنما يقوم على أساس المصلحة
الاجتماعية و الخير الإنساني

ب أن الحوار، أو الجدال بالتي هي أحسن وليس الحرب هو الوسيلة المثلى للتفاهم بشأن قضايا
الإيمان والعقيدة، قال تعالى

و إذا كان الحوار هو الوسيلة المعتمدة في مثل هذه القضايا على خطورتها و أهميتها؛ فإنه يكون أولى
بالتطبيق فيما دونها من القضايا و المشكلات، و أولى أن يكون مبدأً عا  ما من مبادئ معالجة معضلات
العلاقات الإنسانية بما فيها العلاقات الدولية.
ومما سبق يتضح أن الأصول المعرفية للرؤية الإسلامية للعالم تنفي كل مصادر الفرقة و الحقد
والخصومة والنزاع بين الناس من أي دين كانوا، ولم تقف عند حدود التمهيد النظري، أو الخطاب
العاطفي؛ بل فتحت باب التعاون العملي و التواصل الفعلي والعمل المشترك و التعايش السلمي،
والأمثلة على ذلك كثيرة، منها ما يشير إليه قول الله تعالى[المائدة/ 5

3 – العدالة : تعني العدالة في أبسط معانيها إعطاء كل ذي حق حقه، دون تأثر بمشاعر الحب لصديق،
أو الكراهية لعدو، وقد أمر الله المؤمنين أن يلتزموا بهذا المعنى للعدالة وأن يطبقوه
و يقتضي تطبيق العدالة في مجال العلاقات الدولية أن ُتبنى كافة العهود والمواثيق والاتفاقات الدولية
على أساس كفالة العدالة لكافة الأطراف، وعدم الجور على طرف فيها، فض ً لا عن تحريم إلحاق الظلم
بجماعة، أو فئة، أو أقلية ما، من جراء هذا الاتفاق، أو تلك المعاهدة.

- 4 المساواة في الأخوة الإنسانية : سبق أن رأينا أن النظرة الإسلامية للعالم تؤكد على وحدة البشرية من حيث انتماؤها إلى أصل واحد، وفي ظل هذه الرؤية المبدئية تأتي قيمة المساواة بتطبيقاتها المتعددة؛ التي يجب أن تلتزم بها الدولة الإسلامية في سياستها الداخلية وفي علاقاتها الخارجية. إن وحدة الجنس البشري تقتضي في نظر الإسلام المساواة التامة بين كافة أفراده وجماعاته و شعوبه، من حيث إتاحة فرص متساوية للحصول على الحقوق الأساسية للإنسان وللتمتع بها؛ فإذا توفرت الفرص المتساوية أمام الجميع يكون التفاوت النسبي بينهم بعد ذلك راج عا إلى ما يبذلونه من جهد و عمل، وإلى ما يحققونه من إنتاجية متميزة، و إلى ما يملكونه من قدرات على التحصيل العلمي و التقدم الحضاري. ومما يؤسف له أنه تمت في العصر الحديث صياغة إيديولوجيات و معتقدات دوغمائية تستند على
أصول وهمية من دعاوى التفوق العنصري أو الديني أو السلالي، وتدعي أن شعبا ما هو شعب الله المختار، أو أن جنسا من الأجناس فوق الجميع، وكل هذه الادعاءات ظهرت من قلب حضارة الغرب، و ذاق العالم منها ويلات كثيرة من المنازعات و الصراعات والحروب، وما يزال يعاني منها في مواضع شتى.

5 – الحرية : ينبع مبدأ الحرية - في أحد أبعاده الرئيسية- من قيمة المساواة بين بني البشر التي
قررها الإسلام؛ فانتماؤهم إلى أصل واحد يقتضي السواسية بينهم، وهذه بدورها تقتضي أن الناس
جميعا يولدون أحرارا، ويظلون كذلك ما داموا على قيد الحياة، و من َثم فاستعباد الإنسان لأخيه الإنسان
أمر طارئ؛ لا هو من إرادة الله، و لا من الطبيعة السوية للبشر.
وليست "الحرية" في الإسلام بابا للفوضى أو لممارسة العدوان؛ وإلا انقلبت إلى "حرب الجميع ضد
الجميع" على حد تعبير فيلسوف الحداثة توماس هوبز، وإنما هي الحرية المسئولة و المنضبطة بضوابط
"العدالة" و حدود "المساواة"، و فضائل "الأخلاق"، وهي قيم مرتكزة في فطرة الإنسان التي فطره الله
عليها، وليست مجهولة المصدر أو بنت الطبيعة كما يذهب كثير من الفلاسفة الطبيعيين و الماديين.
وفي ضوء هذا المضمون الإسلامي للحرية يمكننا متابعة تطبيقاتها العملية على صعيد العلاقات الدولية
– و أيضا في العلاقات الداخلية الفردية والاجتماعية – و لكننا نقتصر هنا على موضوعنا -، و من
أهم هذه التطبيقات ما يأتي :

أ - الإقرار بسياسة الأبواب المفتوحة في محيط العلاقات الدولية، و رفض سياسة العزلة والانغلاق
ذلك لأن سياسة الباب المفتوح هي التي تتيح فرصا متساوية وعلاقات متكافئة للأفراد والجماعات
والشعوب لكي تمارس حريات التنقل، والإقامة، والدخول والخروج، والعمل، والتملك...

ب - الاعتراف "بالتعددية" الحضارية والثقافية والسياسية و العقائدية؛ ذلك لأن التنوع و الاختلاف من
سنة الحياة الاجتماعية، وأن محاولة طمس الاختلافات و تنميطها في قالب واحد أمر لا يأتي إلا عن
طريق الجبر والإكراه، و هما و الحرية ضدان لا يجتمعان.

ج - بطلان الأوضاع التي تنشأ نتيجة للقسر و الإكراه؛ حتى لو تكرست عبر اتفاقيات أو معاهدات
أو بحكم الأمر الواقع، فهذه كلها تتنافى مع قيمة الحرية في الإسلام.

- 6 المساواة في الأخوة الإنسانية : سبق أن رأينا أن النظرة الإسلامية للعالم تؤكد على وحدة
البشرية من حيث انتماؤها إلى أصل واحد، وفي ظل هذه الرؤية المبدئية تأتي قيمة المساواة بتطبيقاتها
المتعددة؛ التي يجب أن تلتزم بها الدولة الإسلامية في سياستها الداخلية وفي علاقاتها الخارجية.
إن وحدة الجنس البشري تقتضي في نظر الإسلام المساواة التامة بين كافة أفراده وجماعاته وشعوبه،
من حيث إتاحة فرص متساوية للحصول على الحقوق الأساسية للإنسان وللتمتع بها؛ فإذا توفرت
الفرص المتساوية أمام الجميع يكون التفاوت النسبي بينهم بعد ذلك راجعا إلى ما يبذلونه من جهد وعمل، وإلى ما حققونه من إنتاجية متميزة، وإلى ما يملكونه من قدرات على التحصيل العلمي والتقدم
الحضاري.

- 7 التعاون والاعتماد المتبادل : جاء الأمر في القرآن الكريم "بالتعاون" المبني على فضائل
الأخلاق؛ الهادف إلى تحقيق الخير الإنساني العام والقرب من الله تعالى، كما جاء فيه أيضا النهي عن
"التعاون" المؤدي إلى انتهاك تلك الفضائل؛ الهادف إلى الاعتداء أو إلحاق الأذى بالآخرين، قال تعالى:
(وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَاب ِ(2) سورة المائد




و يتضمن الأمر "بالتعاون" تقرير الاعتماد المتبادل كسياسة عامة في تسيير العلاقات
بين مختلف أطراف الوجود الاجتماعي - الأفراد والجماعات والدول- ذلك لأن التعاون لا يكون
إلا بين أكثر من طرف، واللجوء إليه يعني أن كل طرف لا يستطيع بمفرده القيام بأداء مهمة ما،
أو تحقيق هدف معين، ومن ثم فإن كلا منهما يعتمد على الآخر في تحقيق بعض أهدافه، وإذا قام هذا
التعاون أو "الاعتماد المتبادل" على أسس البر والتقوى، فإن الحصيلة النهائية له ستصب في الصالح
الإنساني العام، أو بالأقل لن تلحق الضرر بالأطراف الأخرى غير الداخلة في هذا التعاون بعينه.
إن السلام العالمي هو الهدف النهائي للنظرية الإسلامية في العلاقات الدولية والوصول إلى هذا الهدف
هو مطلب المستقبل لجميع الأمم، والطريق إليه مليء بالتحديات التي تفوق طاقة كل أمة بمفردها،
وإن الإسلام يعلم كافة البشر أن باستطاعتهم دوما أن يتشاوروا وأن يتحاوروا ويتعارفوا من أجل
اكتشاف الحقول المشتركة فيما بينهم، ولكي يعمقوا إدراكهم للمثل الإنسانية الفطرية التي تجمعهم،
وليسهموا معا في بناء علاقات دولية بناءة تتسم بالإيجابية و الموضوعية والمستقبلية، وبالعدالة قبل ذلك
كله.



ثالثا : الكفالة

- 1 الحقوق و الحريات الشخصية :
الحياة أول حق جعله الله للإنسان؛ فهي من الحقوق المقدسة في الإسلام بحيث لا يحق لأحد التجاوز
على حق غيره في الحياة؛ فقد اعتبر الإسلام الاعتداء على حياة إنسان واحد بمثابة الاعتداء على حقوق
جميع الناس، فحول هذا الأمر ورد في القرآن الكريم قوله تعالى : مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ ﴿المائدة: ٣٢﴾ [المائدة/ 32 ].
إن هذا التشديد على احترام حق الحياة، لم يكن ليشمل جانب الغير فقط و إنما ينال صاحب الحياة ذاته أيضًا؛ فليس من حق الإنسان التنازل عن حقه في الحياة.
أما الحق الآخر للإنسان فحقه في حياة حرة كريمة، و لا يجوز لأحد كائنًا من كان استرقاقه، فالحرية
هي الإباحة التي تمكن الإنسان من الفعل المعبر عن إرادته في أي ميدان من ميادين الفعل أو الترك
وبأي لون من ألوان التعبير وكما أن الإسلام لا يجيز لأحد استرقاق غيره والاعتداء على حريته، فكذلك
لم يجز للإنسان التنازل عن حريته.
لقد جعل الإسلام حق الحرية بمثابة حق الحياة في المقام؛ لذلك تجد القرآن يجعل كفارة من قتل إنسانًا
مؤمنًا خطأً تحرير رقبة مؤمنة التي تعادل الإحياء أما من قتل إنسانًا مؤمنًا عمدًا فإن هذه لا يمكن أن
تكون كفارته.
أما الحق الآخر من الحقوق والحريات الشخصية فهو حق الإنسان في الأمان على شخصه؛ فلا يحق
لأحد تعذيبه واعتقاله دون وجه حق، والشريعة التي تعترف للجنين الذي لا زال في بداية تكوينه
بالشخصية بحيث تحفظ له جميع حقوقه لحين ولادته هي أحرص على أن تقر للإنسان المولود
بالشخصية القانونية.
أما المساواة أمام القانون فقد ورد بشأنها قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث المخزومية
الذي روته عائشة رضي الله عنها : (أن قريشا أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت فقالوا ومن
يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حب رسول الله
صلى الله عليه وسلم فكلمه أسامة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتشفع في حد من حدود الله ثم
قام فاختطب ثم قال إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم
الضعيف أقاموا عليه الحد وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها) [رواه : الشيخان]

- 2 حقوق الإنسان في علاقته بمجتمعه :
للإنسان - كل إنسان - حياته الخاصة التي لا يحق للغير التدخل فيها أو الاطلاع على ما لا يريد هو
اطلاع الغير عليه؛ فمن شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله فقد عصم بها دمه وماله وعرضه.
وفي الحديث الشريف: (كل المسلم على المسلم حرام دمه و ماله وعرضه)، ولقد اعتبر الإسلام عين
المتلصص على غيره وهو في بيته هدرًا فيما لو فقأها له صاحب المنزل.
ومن ضمن هذا النوع من الحقوق حق الإنسان في التنقل في أرض الله الواسعة، فالأرض لله وهذا حق
من حقوقه، ويتفرع عليه حقه في اتخاذ موطن آخر هربًا و تخلصًا من حياة الظلم و القهر في موطنه؛
وذلك حماية لحياته وصيانة لحريته، فقد جعل الله تعالى التقصير في هذا الأمر من الظلم :

ثم إن للإنسان حقًا في أن يتخذ زوجة بالرضا بعد بلوغه، و يكون أسرة تتمتع بحماية الدولة من كل ما
يتهددها من المخاطر.و للإنسان الحق - كذلك - في التملك عن طريق الكسب الحلال الذي لا يقوم
على الاستغلال؛ فلو تملك الإنسان شيئًا دخل حق الملكية هذا في حماية القانون، بحيث لا يجوز تجريده
من ملكه تعسفًا.


- 3 حقوق الإنسان المدنية والسياسية :
- حرية المعتقد : كثيرًا ما يحدد القرآن معنى (لا إله إلا الله) بالطاعة، بالإسلام، بالخضوع، و لكن
هذا لا يكفي إذا لم يكن عن اقتناع و تصديق و إيمان؛ لأن الطاعة والإسلام والخضوع الذي يأتي بدون
اقتناع و تصديق لا يكون دينًا) من هذا المنطلق أقر الإسلام حرية الإنسان في الاعتقاد وعتناق الدين
مؤسسًا في ذلك قاعدة عامة هي : (لا إكراه في الدين) هذه القاعدة التي قال عنها (توينبي) : (لقد جاء
بها الإسلام من زمن بعيد ولم نقبلها نحن هنا في بريطانيا إلا في وقت متأخر جدًا). و يتفرع على هذه
الحرية حق الإنسان في إقامة شعائره منفردًا أو مجتمعًا و لكن بشرط مراعاة النظام العام للمجتمع
الإسلامي، فيما لو خالفت تلك الشعائر أساسيات الدين الإسلامي.
- حرية الرأي و الفكر : فيما يتعلق بحرية الرأي لم يضع الإسلام خطوطًا حمراء لا يسمح للفرد
بتجاوزها، هذا بالنسبة لحرية الرأي، أما بالنسبة لحرية الفكر فقد أكد القرآن الكريم عليها تأكيدًا منقطع
النظير؛ فلم تخل سورة من سوره المباركة من قوله تعالى: (أفلا يتفكرون) (أفلا يعقلون).
إن حرية الفكر ليست سلوكًا محددًا ولكنها منظومة متعددة الجوانب، المقصود بها أن يستطيع عقل
الإنسان تدبر أمور الحياة، و موقفه منها، بدون قيود صارمة و قوالب مفروضة.
إن الإسلام يريد إنسانًا مبدعًا، و ما لم تكن هناك حرية للفكر فلا يمكن أن تتولد عملية الإبداع؛ لذا أكد
الإسلام على حرية الفكر بحيث ذم الإنسان المعطل عقله، المقلد لغيره فيما لا يجوز التقليد فيه.
- الحقوق السياسية : وتعني الحقوق التي يقررها القانون العام و التي تم ّ كن الأشخاص من القيام بأعمال
معينة تمكنهم من المشاركة في إدارة شؤون المجتمع السياسية.
كما تعني حق مشاركة الفرد في إدارة الشؤون العامة لبلده إما مباشرة و إما بواسطة ممثلين يختارون
في حرية فالإسلام يرى في الشورى السبيل المنطقي القويم الذي يقود المجتمع و الإنسان معًا إلى
سلامة المنهج وصواب الرأي و سعادة الحياة... ولقد جاء في القرآن الكريم حول مبدأ الشورى

وللأهمية البالغة لمبدأ الشورى عمم الإسلام موقفه منه إلى كل جوانب الحياة حينما فرض على كل واحد
من أفراد المجتمع قانون التشاور و الانفتاح ... حتى في المسائل الجزئية الصغيرة إذ حرض الجميع على
ملاقحة الأفكار و الفحص عن الرأي السديد فقال : (و أمرهم شورى بينهم).
- الحقوق المدنية : وهي الحقوق التي تكفل للفرد حماية الذات والتي بمقتضاها يعطى للشخص بالتساوي
مع الآخرين حق تقلد الوظائف العامة في بلده. وتنقسم الحقوق المدنية إلى : حقوق الأسرة. والحقوق
المالية.
فبالنسبة لحقوق الأسرة فقد رتب الإسلام جميع الضمانات للفرد لكي يعيش في ظل أسرة ينتمي إليها
ويعيش في كنفها، كما تمتعت هذه الأسرة بكل وسائل الحماية في ظل الإسلام. لقد اعتنى الإسلام في تهيئة
المهد الصالح الذي يجب أن يتقلب فيه الإنسان و من قبله اهتم اهتمامًا منقطع النظير بالتدابير الاحترازية
لمنع نشوء أسرة على أسس غير صحيحة؛ فالإسلام رعى الأسرة باعتبارها مؤسسة ينشأ فيها الفرد بأمان
من لدن كونها مشروعًا حتى تغدو كيانًا قائمًا.
كما رسم لنا معالم التربية الصحيحة و كيفية بناء العلاقة الصحيحة بين أركان الأسرة كل ذلك لأجل أن
يتمتع الفرد بحقه في العيش في أسرة آمنة نظيفة.
أما في مجال الحقوق المالية فإن الإسلام يحترم حق الإنسان في الملكية ما لم يكن قائمًا على استغلال الناس كما تقدم ذكره.

- 4 الحقوق الاقتصادية و الثقافية و الاجتماعية :

- حق العمل : قد أعطى الدين الإسلامي الإنسان الحق في اختيار العمل المناسب له بل حث على
العمل و رفع من قيمته، حيث ورد في رواية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمسك يومًا بيد عامل
فقبلها و قال : (تلك يد يحبها الله).
و لكن هذا الحق، و هذه الحرية لا يجب أن تخلو من الضوابط؛ إذ إن النفس البشرية مدفوعة بحب
الذات و الأثرة إلى فعل ما يناسب رغباتها، و إن كان ذلك على حساب الآخرين و حرياتهم؛ لذا حدد
الإسلام هذه الحرية بضوابط عدم التجاوز على حق الآخرين واستغلالهم، كما فرض على صاحب
العمل عدم استغلال العامل، و عدم التقصير في إعطائه أجره المناسب، و عدم تأخيره عليه: (إعط
الأجير أجره قبل أن يجف عرقه) [رواه ابن ماجه].
- الضمان الاجتماعي : أما الضمان الاجتماعي فيكفي دلي ً لا عليه أن دائرته تتسع لتشمل غير المسلم
أيضًا. فقد ورد في رواية أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه مر على رجل نصراني
يستجدي الناس، فخاطب عامله على بيت المال بما معناه استعملتموه حتى إذا أهلكتموه تركتموه يتكفف؛
ثم أمر له بعطاء من بيت مال المسلمين.
- حق التعلم : منذ الآية الأولى التي استهلت بها الرسالة السماوية التي نزلت على نبينا محمد صلى الله
عليه وسلم جرى التأكيد على أهمية دور العلم و التعلم.

- 5 أسس العلاقات العامة :
المقصود بالأسس مجموعة القيم، والموجهات العقدية، والأخلاقيات العملية، المستمدة من المصدر
الأساسي للإسلام (القرآن والسنة)، وهي التي تشكل إطارا مرجعيا ومعيارا عاما؛ من المفترض أن
تستند إليه النظريات و الرؤى و المواقف التي تتبناها الجماعات و النظم و الحكومات المسلمة في
علاقاتها الدولية، و أن تلتزم بها قبل أن تدعو غيرها إليها من ناحية، و أن يقاس على هذا الإطار
سلوكها الفعلي إنما تستمد شرعيتها في المنظور الإسلامي من ارتباطها بتعاليم الإرادة الإلهية المعبر
عنها في أصل الشريعة، و ليس من ارتباطها بالإرادة الخاصة بالحكام.
فتعاليم الإرادة الإلهية تتسم بالثبات و الصلاحية لكل زمان و مكان، أما تقدير الظروف والملابسات التي
تحيط بعملية صنع القرار واتخاذه؛ اهتداء بتلك الإرادة الإلهية فمستوى آخر له طابع عملي، و يتسم
بالتغير و الاختلاف والتنوع حسب ظروف الزمان و المكان. و بيان ذلك كالآتي :

1 وحدة الجنس البشري : قرر الإسلام وحدة الجنس والنسب للبشر جميعا؛ فالناس لآدم، ولا فضل
لعربي على عجمي، ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى، وحكمة التقسيم إلى شعوب و قبائل إنما هي
التعارف لا التخالف، والتعاون لا التخاذل، والتفاضل بالتقوى والأعمال الصالحة التي تعود بالخير على
المجموع والأفراد، والله تعالى رب الجميع يرقب هذه الأخوة و يرعاها، وهو يطالب عباده جميعا
بتقريرها و رعايتها، والشعور بحقوقها والسير في حدودها.
ويعلن القرآن الكريم هذه الحقيقة بمعانيها جميعًا ف


- 2 وحدة الدين : قرر الإسلام وحدة الدين في أصوله العامة، وأكد على أن شريعة الله تبارك
و تعالى للناس تقوم على قواعد ثابتة من الإيمان والعمل الصالح والإخاء، و أن الأنبياء جميعا مبلغون
عن الله تبارك و تعالى، وأن الكتب السماوية جميعا من وحيه، وأن المؤمنين جميعا في أية أمة كانوا هم
عباده الصادقين الفائزين في الدنيا والآخرة، وأن الفرقة في الدين والخصومة باسمه إثم يتنافى مع
أصوله و قواعده، ويتناقض مع غايته و مقاصده.
و نقرأ في آيات أخرى من سورة الأحزاب (آية 69 )، ومن سورة النساء (آية 75 )، ومن سورة آل عمران
(آية 46 )، و من سورة المائدة (آية 44 وآية 75 )، وفي آيات أخرى من سور أخرى؛ حيث نجدها
تثني على الأنبياء جميعا، و تقول : إن التوراة و الإنجيل فيهما هدى ونور و موعظة للمؤمنين، و من
تلك الآيات و من غيرها نخرج بنتيجتين تطبيقيتين في مجال علاقة المسلمين مع غيرهم، هما :

أ أن التعامل بين المسلمين وغيرهم من أهل العقائد والأديان إنما يقوم على أساس المصلحة
الاجتماعية والخير الإنساني، يقول الله تعالى
ب أن الحوار، أو الجدال بالتي هي أحسن وليس الحرب هو الوسيلة المثلى للتفاهم بشأن
قضايا الإيمان والعقيدة
وإذا كان الحوار هو الوسيلة المعتمدة في مثل هذه القضايا على خطورتها و أهميتها؛ فإنه يكون أولى
بالتطبيق فيما دونها من القضايا والمشكلات، وأولى أن يكون مبدأً عا  ما من مبادئ معالجة معضلات
العلاقات الإنسانية بما فيها العلاقات الدولية.
ومما سبق يتضح أن الأصول المعرفية للرؤية الإسلامية للعالم تنفي كل مصادر الفرقة و الحقد
والخصومة والنزاع بين الناس من أي دين كانوا، ولم تقف عند حدود التمهيد النظري، أو الخطاب
العاطفي؛ بل فتحت باب التعاون العملي و التواصل الفعلي والعمل المشترك و التعايش السلمي،
و الأمثلة على ذلك كثيرة، منها ما يشير إليه قول الله تعالى:

3 – العدالة : تعني العدالة في أبسط معانيها إعطاء كل ذي حق حقه، دون تأثر بمشاعر الحب لصديق،
أو الكراهية لعدو، و قد أمر الله المؤمنين أن يلتزموا بهذا المعنى للعدالة وأن يطبقوه، قال الله تعالى:
و يقتضي تطبيق العدالة في مجال العلاقات الدولية أن ُتبنى كافة العهود والمواثيق والاتفاقات الدولية
على أساس كفالة العدالة لكافة الأطراف، وعدم الجور على طرف فيها، فض ً لا عن تحريم إلحاق الظلم
بجماعة،أو فئة، أو أقلية ما، من جراء هذا الاتفاق، أو تلك المعاهدة.
- 4 المساواة في الأخوة الإنسانية : سبق أن رأينا أن النظرة الإسلامية للعالم تؤكد على وحدة البشرية من حيث
انتماؤها إلى أصل واحد، وفي ظل هذه الرؤية المبدئية تأتي قيمة المساواة بتطبيقاتها المتعددة؛ التي يجب أن تلتزم بها
الدولة الإسلامية في سياستها الداخلية و في علاقاتها الخارجية. إن وحدة الجنس البشري تقتضي في نظر الإسلام
المساواة التامة بين كافة أفراده وجماعاته و شعوبه، من حيث إتاحة فرص متساوية للحصول على الحقوق الأساسية
للإنسان وللتمتع بها؛ فإذا توفرت الفرص المتساوية أمام الجميع يكون التفاوت النسبي بينهم بعد ذلك راجعا إلى ما يبذلونه من جهد و عمل، و إلى ما يحققونه من إنتاجية متميزة، و إلى ما يملكونه من قدرات على التحصيل العلمي و التقدم الحضاري. و مما يؤسف له أنه تمت في العصر الحديث صياغة إيديولوجيات و معتقدات دوغمائية تستند على أصول وهمية من دعاوى التفوق العنصري أو الديني أو السلالي، و تدعي أن شعبا ما هو شعب الله المختار، أو أن
جنسا من الأجناس فوق الجميع، وكل هذه الادعاءات ظهرت من قلب حضارة الغرب، و ذاق العالم منها ويلات كثيرة
من المنازعات و الصراعات و الحروب، وما يزال يعاني منها في مواضع شتى.
5 – الحرية : ينبع مبدأ الحرية - في أحد أبعاده الرئيسية- من قيمة المساواة بين بني البشر التي
قررها الإسلام؛ فانتماؤهم إلى أصل واحد يقتضي السواسية بينهم، وهذه بدورها تقتضي أن الناس
جمي  عا يولدون أحرارا، ويظلون كذلك ما داموا على قيد الحياة، و من َثم فاستعباد الإنسان لأخيه الإنسان
أمر طارئ؛ لا هو من إرادة الله، ولا من الطبيعة السوية للبشر.
و ليست "الحرية" في الإسلام بابا للفوضى أو لممارسة العدوان؛ وإلا انقلبت إلى "حرب الجميع ضد
الجميع" على حد تعبير فيلسوف الحداثة توماس هوبز، وإنما هي الحرية المسئولة و المنضبطة بضوابط
"العدالة" و حدود "المساواة"، و فضائل "الأخلاق"، وهي قيم مرتكزة في فطرة الإنسان التي فطره الله
عليها، وليست مجهولة المصدر أو بنت الطبيعة كما يذهب كثير من الفلاسفة الطبيعيين و الماديين.
و في ضوء هذا المضمون الإسلامي للحرية يمكننا متابعة تطبيقاتها العملية على صعيد العلاقات الدولية
– و أيضا في العلاقات الداخلية الفردية والاجتماعية – و لكننا نقتصر هنا على موضوعنا -، و من
أهم هذه التطبيقات ما يأتي:

أ - الإقرار بسياسة الأبواب المفتوحة في محيط العلاقات الدولية، و رفض سياسة العزلة و الانغلاق
ذلك لأن سياسة الباب المفتوح هي التي تتيح فرصا متساوية و علاقات متكافئة للأفراد و الجماعات
و الشعوب لكي تمارس حريات التنقل، و الإقامة، و الدخول و الخروج، و العمل، و التملك...

ب - الاعتراف "بالتعددية" الحضارية و الثقافية والسياسية و العقائدية؛ ذلك لأن التنوع و الاختلاف
من سنة الحياة الاجتماعية، و أن محاولة طمس الاختلافات و تنميطها في قالب واحد أمر لا يأتي
إلا عن طريق الجبر و الإكراه، و هما و الحرية ضدان لا يجتمعان.

ج - بطلان الأوضاع التي تنشأ نتيجة للقسر و الإكراه؛ حتى لو تكرست عبر اتفاقيات أو معاهدات
أو بحكم الأمر الواقع، فهذه كلها تتنافى مع قيمة الحرية في الإسلام.

- 6 المساواة في الأخوة الإنسانية : سبق أن رأينا أن النظرة الإسلامية للعالم تؤكد على وحدة
البشرية من حيث انتماؤها إلى أصل واحد، و في ظل هذه الرؤية المبدئية تأتي قيمة المساواة بتطبيقاتها
المتعددة؛ التي يجب أن تلتزم بها الدولة الإسلامية في سياستها الداخلية وفي علاقاتها الخارجية. إن
وحدة الجنس البشري تقتضي في نظر الإسلام المساواة التامة بين كافة أفراده وجماعاته وشعوبه، من
حيث إتاحة فرص متساوية للحصول على الحقوق الأساسية للإنسان وللتمتع بها؛ فإذا توفرت الفرص
المتساوية أمام الجميع يكون التفاوت النسبي بينهم بعد ذلك راجعا إلى ما يبذلونه من جهد ومل، و إلى
ما يحققونه من إنتاجية متميزة، و إلى ما يملكونه من قدرات على التحصيل العلمي والتقدم الحضاري.

- 7 التعاون والاعتماد المتبادل : جاء الأمر في القرآن الكريم "بالتعاون" المبني على فضائل
الأخلاق؛ الهادف إلى تحقيق الخير الإنساني العام والقرب من الله تعالى، كما جاء فيه أيضا النهي عن
"التعاون" المؤدي إلى انتهاك تلك الفضائل؛ الهادف إلى الاعتداء أو إلحاق الأذى بالآخرين، و يتضمن الأمر "بالتعاون" تقرير الاعتماد المتبادل كسياسة عامة في تسيير العلاقات
بين مختلف أطراف الوجود الاجتماعي - الأفراد والجماعات والدول- ذلك لأن التعاون لا يكون
إلا بين أكثر من طرف، و اللجوء إليه يعني أن كل طرف لا يستطيع بمفرده القيام بأداء مهمة ما،
أو تحقيق هدف معين، ومن ثم فإن كلا منهما يعتمد على الآخر في تحقيق بعض أهدافه، و إذا قام هذا
التعاون أو "الاعتماد المتبادل" على أسس البر و التقوى، فإن الحصيلة النهائية له ستصب في الصالح
الإنساني العام، أو بالأقل لن تلحق الضرر بالأطراف الأخرى غير الداخلة في هذا التعاون بعينه.
إن السلام العالمي هو الهدف النهائي للنظرية الإسلامية في العلاقات الدولية و الوصول إلى هذا الهدف
هو مطلب المستقبل لجميع الأمم، و الطريق إليه مليء بالتحديات التي تفوق طاقة كل أمة بمفردها،
وإن الإسلام يعلم كافة البشر أن باستطاعتهم دوما أن يتشاوروا و أن يتحاوروا ويتعارفوا من أجل
اكتشاف الحقول المشتركة فيما بينهم، و لكي يعمقوا إدراكهم للمثل الإنسانية الفطرية التي تجمعهم،
وليسهموا معا في بناء علاقات دولية بناءة تتسم بالإيجابية والموضوعية والمستقبلية، وبالعدالة قبل ذلك
كله.

أسئلة التصحيح الذاتي
-1 ما هي أقسام الحقوق المدنية ؟
2 – ما هي نظرة الإسلام إلى الموقوفين في الحرب؟
3 – من خلال قوله تعالى:( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين ( 8 ) ) . بين كيف تكون علاقة
المسلمين مع غيرهم من أهل الملل والعقائد.

أجوبة التصحيح الذاتي

-1 تنقسم الحقوق المدنية إلى: حقوق الأسرة. والحقوق المالية.
فبالنسبة لحقوق الأسرة فقد رتب الإسلام جميع الضمانات للفرد لكي يعيش في ظل أسرة ينتمي إليها
ويعيش في كنفها، كما تمتعت هذه الأسرة بكل وسائل الحماية في ظل الإسلام.
أما في مجال الحقوق المالية فإن الإسلام يحترم حق الإنسان في الملكية ما لم يكن قائمًا على استغلال الناس كما تقدم ذكره.

-2 نظرة الإسلام إلى الموقوفين في الحرب تتجلى فيما يلي :
أنه يدعو إلى إكرامهم، وحرمة ايذائهم. ولم يثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم ضرب الرق على
أسير.. بل عرف أنه أطلق أرقاء مكة وبنى المصطلق وحنين. وأعتق ما كان عنده من رقيق الجاهلية.
3 – من خلال قوله تعالى : ( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين ( 8 ) ) . يتبين لنا أن التعامل
بين المسلمين وغيرهم من أهل العقائد والأديان إنما يقوم على أساس المصلحة الاجتماعية والخير
الإنساني.
amine007 غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
والتعامل, الإنسان, الاسلامية, الدولي, العلوم, العلاقات, العامة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
تحضير درس خروقات حقوق الإنسان الاستاذ الاجتماعيات للسنة الرابعة متوسط 1 01-25-2017 07:59 PM
تحضير درس العلوم الاسلامية حقوق العمال و واجباتهم في الإسلام للسنة الثالثة ثانوي amine007 قسم تحضير دروس العلوم الاسلامية للسنة الثالثة ثانوي 0 10-26-2015 10:01 PM
تحضير درس العلوم الاسلامية العلاقات الاجتماعية بين المسلمين وغيرهم للسنة 3 ثانوي amine007 قسم تحضير دروس العلوم الاسلامية للسنة الثالثة ثانوي 0 10-26-2015 10:01 PM
تحضير نص التعاون الدولي في مجال البيئة للسنة الاولى متوسط الاستاذ اللغة العربية للسنة الاولى متوسط 1 04-14-2015 09:59 AM
درس العلوم الإسلامية حقوق الإنسان في مجال العلاقات العامة والتعامل الدولي الاستاذ قسم العلوم الاسلامية السنة الثالثة تانوي 0 10-25-2014 07:24 PM


الساعة الآن 07:24 PM